هل أرواح الموتى تتلاقى وتتزاور وتتذاكر أم لا ؟

أرواح الموتى نوعان :

أرواح في العذاب _ و أرواح في النعيم.

أما الأرواح المعذبة :

فهي في شغل مما هي فيه من العذاب على أن تتزاور و تتلاقى.

و الأرواح المنعمة :

فهي غير محبوسة فإنها تتلاقى وتتزاور و تتذاكر فيما كان منها في الدنيا، و ما يكون من أهل الدنيا.

فتكون كل روح مع رفيقها الذي كان على مثل عملها.

أما روح بينا محمد صلى الله عليه وسلم فهي في الرفيق الأعلى.

قال الله تعالى : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) النساء 69.

و هذه المعية ثابتة في الدنيا و في دار البرزخ و في دار الجزاء. و المرء مع من أحبّ في هذه الدور الثلاثة.

_روى جرير، عن منصور، عن أبي الضحي، عن مسروق قال: قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا،
فإذا مت رفعْت فوقنا، فلم نرك.

فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩] .

و قال الشعبي..

: جاء رجل من الأنصار وهو يبكي إلى النبي عليه الصلاة و السلام فقال : «ما يبكيك يا فلان؟» فقال : يا نبي الله و الذي لا إله إلا هو لأَنت أحب إلي من أهلي و مالي، و الله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلي من نفسي.

و إنا نذكرك أنا و أهلي، فيأخذني كذا حتى أراك. فذكرت موتك و موتي، فعرفت أني لن أجامعك إلا في الدنيا، وأنّك ترفَع في النبيين ، وعرفت أني إن دخلت الجنة كنت في منزل أدنى من منزلك.

فلم يرد النبي عليه الصلاة و السلام شيئا، فأنزل الله تعالى : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ إلى قوله : ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ [النساء: ٦٩،٧٠] .

وقال تعالى ﴿يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر: ٢٧ – ٣٠].

أي ادخلي في جملتهم، و كوني معهم. و هذا يقال للروح عند الموت.

و في قصة الإسراء..

من حديث عبد الله بن مسعود قال : «لما أسري بالنبي صلى الله عليه و سلم لقي إبراهيمَ و موسى و عيسى ــ صلوات الله و سلامه عليهم ــ فتذاكروا الساعة،

فبدؤوا بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها علم، ثم بموسى فلم يكن عنده منها علم، حتى أجمعوا الحديث إلى عيسى

فقال عيسى : عهد الله إلي فيما دون وجبتها.

فذكر خروج الدجال قال : فأهبط، فأقتله. و يرجع الناس إلى بلادهم فيستقبلهم يأجوج و مأجوج، و هم من كل حدب ينسِلون،

فلا يمرون بماء إلا شربوه، ولا يمرون بشيءٍ إلا أفسدوه. فيجأرون إلى الله عز وجل ، فيدعون الله، فيميتهم.

فتجْأَر الأرض إلى الله من ريحهم، و يجأرون إلي، فأدعو، و يرسل الله السماءَ بالماء، فتحمل أجسامهم،

فتقذفها في البحر. ثم تنسَف الجبال وتمد الأرض مد الأديم. فعهِد الله إلي إذا كان كذلك فإن الساعة من الناس كالحامل المتم،

لا يدري أهلها متى تفجؤُهم بولادتها ليلا أو نهارا.
ذكره الحاكم والبيهقي وغيرهما.

المصدر : ابن القيم – الروح

ترك الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *