حقيقة خلق الشمس و القمر….. ويمسك السماء أن تقع على الارض..
سنقدم حديث طويل لابن عباس رضي الله عنه عن حقيقة خلق الشمس و القمر كما ذكره عن رسول الله صلي الله عليه وسلم..
السماء المرفوعة بغير عمد على جبل قاف.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{وان يروا كسفا من السماء يقولون سحاب مركوم)،
اي..
وان يروا قطعا من السماء ساقطة سيقولون هذا ثلج وبَرَد ولا يؤمنوا بها و لا بيوم الحساب.
السماء مع الأرض هي نظام متكامل و مغلق فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر.
﴿أَفَلا يَنظُرونَ إِلَى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَتوَإِلَى السَّماءِ كَيفَ رُفِعَتوَإِلَى الجِبالِ كَيفَ نُصِبَتوَ إِلَى الأَرضِ كَيفَ سُطِحَت فَذَكِّر إِنَّما أَنتَ مُذَكِّرٌلَستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِرٍإِلّا مَن تَوَلّى وَكَفَرَفَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ العَذابَ الأَكبَرَإِنَّ إِلَينا إِيابَهُمثُمَّ إِنَّ عَلَينا حِسابَهُم) . من سورة الغاشية
ان هذا الحديث من اعجب و اطول و اوضح و اصح الاحاديث التي حدث بها ترجمان الأمة ابن عباس رضي الله عنه.
حديث ابن عباس عن خلق الشمس و القمر…
عن عبدالله بن عباس : بينما ابن عباسٍ ذات يومٍ جالس إذ جاءه رجل فقال : يا ابن عباس ، سمعت العجب من كعب الحبر ، يذكر في الشمس والقمرِ .
قال : وكان متكئًا فاحتفز ثم قال : وما ذاك ؟ قال : زعم أنه يجاءُ بالشمسِ والقمرِ يومَ القيامة كأنهما ثوران عقيران.
فيقذفان في جنهمَ ، قال عكرمة : فطارت من ابن عباسٍ شقة ووقعت أخرى غضبا ، ثم قال : كذب كعب ! كذب كعب ! كذب كعب ! ثلاث مرات..
بل هذه يهودية يريد إدخالها في الإسلام ، الله أجل وأكرم من أن يعذب على طاعته.
حقيقة خلق الشمس و القمر…
، ألم تسمع لقول الله تبارك وتعالى : ?وسخر لكم الشمس والقمر دائبين? إنما يعني دءوبهما في الطاعة ، فكيف يعذب عبدين يثني عليهما أنهما دائبان في طاعته ؟.
قاتل الله هذا الحبر و قبح حبريته ! ما أجرأه على الله..
وأعظمَ فريته على هذين العبدين المطيعين لله..
قال : ثم استرجع مرارا ، وأخذ عويدا من الأرض. فجعل ينكته في الأرض ، فظل كذلك ما شاء الله….
ثم إنه رفع رأسه ورمى بالعويد فقال : ألا أحدثكم بما سمعت من رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم… يقول في الشمس والقمرِ وبدء خلقهما ومصير أمرهما ؟.
فقلنا : بلى رحمك الله! فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال : إن الله د تبارك و تعالى لما أبرم خلقه إحكاما فلم يبق من خلقه غير آدم.. خلق شمسين من نور عرشه.
القمر كان شمسا في بداية الخلق….
حقيقة خلق الشمس و القمر…
فأما ما كان في سابقِ علمه أنه يدعها شمسا فإنه خلقها مثل الدنيا ما بين مشارقِها ومغاربِها.
وأما ما كان في سابقِ علمِه أن يطمسها ويحولها قمرا ، فإنه دون الشمس في العظم..
، ولكن إنما يرى صغرهما من شدة ارتفاع السماء وبعدها من الأرض..
قال : فلو تركَ الله لشمسين كما كان خلقهما في بدءِ الأمرِ لم يكن يعرف الليل من النهارِ ،. ولا النهار من الليلِ ، وكان لا يدري الأجير إلى متى يعمل ، ومتى يأخذ أجره.
. ولا يدري الصائم إلى متى يصوم ، ولا تدري المرأة كيف تعتد ، ولا يدري المسلمون متى وقت الحجّ ، ولا يدري الديان متى تحل ديونهم. ولا يدري الناس متى ينصرفون لمعايشهم ، و متى يسكنون لراحة أجسادهم ، وكان الرب عز وجل أنظر لعباده وأرحم بهم ،.
فأرسل جبرئيل عليه السلام فأمر جناحه على وجه القمر – وهو يومئذ شمس – ثلاث مرات ، فطمس عنه الضوء ، وبقي فيه النور..
و ذلك قوله عز وجل : { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً).
. قال : فالسواد الذي ترونه في القمرِ شبه الخطوط فيه فهو أثر المحو …
ثم خلق الله للشمسِ عجلة من ضوء نور العرش لها ثلاثمائة وستون عروة. ووكل بالشمسِ وعجلتها ثلاثمائة وستين ملكًا من الملائكة من أهل السماء الدنيا ، قد تعلق كل ملك منهم بعروة من تلك العرا.
حقيقة خلق الشمس والقمر……
ووكل بالقمرِ وعجلته ثلاثمائة وستين ملكً من الملائكة من أهل السماء ، قد تعلق بكل عروةٍ من تلك العرا ملك منهم .
ثم قال : وخلق الله لهما مشارق ومغارب في قطري الأرض وكنفي السماءِ ثمانين ومائة عين في المغربِ ، طينة سوداء.
، فلذلك قوله عز وجل : (وجدها تغربُ في عينٍ حمئةٍ).
إنما يعني حمأة سوداء من طين. ، و ثمانين ومائة عين في المشرق مثل ذلك طينة سوداء تفور غليا كغلي القدرِ إذا ما اشتد غليها .
قال : فكل يوم وكل ليلة لها مطلع جديد ومغرب جديد. ، ما بين أولِها مطلعا واخرها مغربا اطول ما يكون النهار في الصيف إلى اخرها مطلعا.
، وأولها مغربا أقصر ما يكون النهار في الشتاء…
فذلك قوله تعالى : ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ).
يعني : اخرها هاهنا واخرها ثم. و ترك ما بين ذلك من المشارق و المغارب ، ثم جمعهما.
فقال : { بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ } فذكر عدة تلك العيون كلها . قال : وخلق الله بحرا ، فجرى دون السماءِ مقدارُ ثلاثِ فراسخٍ.
، فهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر الله عز وجل لا يقطر منه قطرة، والبحار كلها ساكنة.
، وذلك البحر جار في سرعة السهم ثم انطلاقه في الهواء مستويا كأنه حبل ممدود ما بين المشرق والمغربِ.
حقيقة خلق الشمس و القمر…..
_فتجري الشمس والقمر و الخنس في لجة غمرِ ذلك البحرِ.
فذلك قوله تعالى : { كلٌّ في فلكٍ يسبحون } والفلك دوران العجلة في لجةِ غمر ذلك البحرِ .
، والذي نفس محمد بيده لو بدت الشمس من ذلك البحرِ لأحرقت كل شيء في الأرض ، حتى الصخور والحجارة.
ولو بدا القمر من ذلك لافتتن أهل الأرض حتى يعبدونه من دون الله.
إلا من شاء الله أن يعصم من أوليائه . قال ابن عباس : فقال علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه :.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله.. ذكرت مجرى الخنسِ مع الشمس و القمر و قد أقسم الله بالخنس في القرآن الى ما كان من ذكرك.
فما الخنس ؟ قال : يا علي ! هن خمسة كواكبٍ :…
البرجيس ، و زحل و عطارد و بهرام و الزهرة.
فهذه الكواكب الخمسة الطالعات الجاريات ، مثل الشمس والقمر العاديات معهما ،.
فأما سائر الكواكبِ فمعلقات من السماءِ كتعليق القناديلِ من المساجدِ.
و هي تحوم مع السماءِ دورانا بالتسبيحِ والتقديس والصلاةِ لله.
حقيقة خلق الشمس و القمر….
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فإن أحببتم أن تستبينوا ذلك ، فانظروا إلى دوران الفلك مرة هاهنا ومرة هاهنا ، فذلك دورانُ السماءِ.
ودورانُ الكواكبِ معها كلها سوى هذه الخمسة ، ودورانها اليوم كما ترون ، وتلك صلاتها ، ودورانها إلى يوم القيامة في سرعة دوران الرحا من أهوال يوم القيامة وزلازلِه.
، فذلك قوله عز وجل : (يوم تمورُ السماءُ مورًا وتسيرُ الجبالُ سيرًا فويلٌ يومئذٍ للمكذبين) ..
قال : فإذا طلعت الشمس فإنها تطلع من بعض تلك العيون على عجلتها ومعها ثلاثمائة و ستون ملكا ناشري أجنحتهم.
يجرونها في الفلك بالتسبيح و التقديس و الصلاةِ لله على قدرِ ساعات الليل و ساعات النهارِليلا كان أو نهارا.
فإذا أحب الله أن يبتلي الشمس و القمر فيري العباد آية من الآيات فيستعتبهم رجوعا عن معصيته وإقبالا على طاعته. خرت الشمس من العجلة فتقع في غمر ذلك البحر وهو الفلك. فإذا أحب الله ان يعظم الآية ويشدد تخويف العبادِ وقعت الشمس كلها فلا يبقى منها على العجلة شيء.
فذلك حين يظلم النهار و تبدو النجوم، و هو المنتهى من كسوفها .
واذا أراد أن يجعل آية دون آية وقع منها النصف ا و الثلث أو الثلثان في الماء.
، ويبقى سائر ذلك على العجلة. ، فهو كسوف دون كسوف ، وبلاء للشمسِ أو للقمر….
، و تخويف للعباد ، واستعتاب من الرب عز وجل….
فأي ذلك كان صارت الملائكة الموكلون بعجلت ها فرقتين : فرقة منها يقبلون على الشمسِ فيجرونها نحو العجلة. ، والفرقة الاخرى يقبلون على العجلة فيجرونها نحو الشمسِ ، وهم في ذلك يقرونها في الفلك بالتسبيحِ والتقديس و الصلاةِ للهِ على قدرِ ساعات النهار او ساعاتِ الليل ليلا كان او نهارا.
في الصيف كان ذلك أو في الشتاء.
او ما بين ذلك في الخريف والربيع لكيلا يزيد في طولهما شيء ، و لكن قد ألهمهم الله علم ذلك.
حقيقة خلق الشمس و القمر……
و جعل لهم تلك القوة، و الذي ترون من خروج الشمس او القمرِ بعد الكسوف قليلا قليل من غمر ذلك البحر الذي يعلوهم.
فإذا أخرجوها كلها اجتمعت الملائكة كلهم ، فاحتملوها حتى يضعوها على العجلة ، فيحمدون الله على ما قواهم لذلك.
ويتعلقون بعرا العجلة ، و يجرونها في الفلك بالتسبيح و التقديسِ و الصلاة لله حتى يبلغوا بها المغرب.
فإذا بلغوا بها المغرب أدخلوها تلك العين ، فتسقط من افق السماءِ في العين .
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم و عجب من خلق الله : و للعجب من القدرة فيما لم نر اعجب من ذلك..
و ذلك قول جبرائيل عليه السلام لسارة.. (أتعجبين من أمرِ اللهِ) . و ذلك أن الله عز وجل خلق مدينتين احداهما بالمشرق و الأخرى بالمغرب.
أهل المدينة التي بالمشرق من بقايا عاد من نسل مؤمنيهم ، وأهل التي بالمغرب من بقايا ثمود من نسلِ الذين آمنوا بصالح.
اسم المدينة التي بالمشرق بالسريانية ( مرقيسيا ) وبالعربية ( جابلق )….
و اسم التي بالمغربِ بالسريانية ( برجيسيا ) وبالعربيةِ ( جابرس او جابرسا ولكل مدينة منهما عشرة آلاف باب ، ما بين كل بابين فرسخ. ينوب كل يوم على كل باب من أبواب هاتين المدينتين عشرة آلاف رجل من الحراسة..
عليهم السلاح ، لا تنوبهم الحراسة بعد ذلك إلى يوم ينفخ في الصور.
فوالذي نفس محمد بيده لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج اصواتِهم لسمع الناس من جميع اهل الدنيا هذه وقعةالشمس حين تطلع وحين تغرب.
،و من ورائهم ثلاث امم ، منسك ، وتافيل ، وتاريس.
ثم من دونهم يأجوج ومأجوج .
وإن جبرائيل عليه السلام انطلق بي إليهم ليلة أسري بي من المسجدِ الحرام إلى المسجد الأقصى ، فدعوت يأجوج ومأجوجَ إلى عبادة الله عز وجل فأبوا أن يجيبوني ،.
ثم انطلق بي إلى أهل المدينتين…
فدعوتهم إلى دين اللهِ عز وجل وإلى عبادته فأجابوا وأنابوا ، فهم في الدين إخواننا ، من احسن منهم فهو مع محسنكم.
ومن اساء منهم فأولئك مع المسيئين منكم . ثم انطلق بي إلى الأمم الثلاث ، فدعوتهم إلى دين الله وإلى عبادته فأنكروا ما دعوتهم إليه.
، فكفروا بالله عز وجل ، وكذبوا رسله ، فهم مع يأجوج ومأجوج و سائرِ من عصى الله في النارِ.
فإذا ما غربت الشمس رفع بها من سماء إلى سماء في سرعةِ طيران الملائك. حتى يبلغ بها إلى السماء السابعة العليا ، حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة. و تسجدُ معها الملائكة الموكلون بها ، فيحدر بها من سماء إلى سماء.
واذا وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الفجر ، فإذا انحدرت من بعض تلك العيون ، فذاك حين يضيء الصبح.
اما فإذا وصلت إلى هذا الوجهِ من السماء فذاك حين يضيء النهار . قال : وجعل الله عند المشرقِ حجابا من الظلمة على البحرِ السابع مقدار عدة لليالي منذ يوم خلق الله الدنيا إلى يوم تصرم..
فإذا كان عند الغروب أقبل ملك قد وكل بالليل فيقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب ، ثم يستقبل المغرب.. فلا يزال يرسل من الظلمة من خلل اصابعه قليلا قليلا.
وهو يراعي الشفق ، فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها ثم ينشر جناحيه ، فيبلغان قطري الأرض وكنفي السماء.
، و يجاوزان ما شاء الله عز وجل خارجا في الهواءِ ، فيسوق ظلمة الليل بجناحيه بالتسبيحِ والتقديس والصلاة لله.
حتى يبلغ المغرب. فإذا بلغ المغرب انفجر الصبح من المشرق ، فضم جناحيه ، ثم يضمّ الظلمة بعضها إلى بعض بكفيه.
ثم يقبض عليها بكف واحدة نحو قبضته إذا تناولها من الحجابِ بالمشرق ، فيضعُها عند المغرب على البحر السابع من هناك ظلمة الليل …
فإذا ما نقل ذلك الحجاب من المشرقِ الى المغرب نفخ في الصورِ ، وانتقضت الدنيا ، فضوء النهار من قبل المشرق.. ، وظلمة الليلِ من قبل ذلك الحجاب..
فلا تزال الشمس والقمر كذلك من مطالعهم…
الى مغاربهما إلى ارتفاعهما الى السماء السابعة العليا الي محبسهما تحت العرش..
حتى يأتي الوقت الذي ضرب الله لتوبة العباد فتكثر المعاصي في الأرض ويذهب المعروف ، فلا يأمر به أحد ،.
ويفشو المنكر فلا ينهى عنه أحد . فإذا كان ذلك حبست الشمس مقدار ليلة تحت العرش..
،فكلما سجدت واستأذنت من أين تطلع ؟ لم يحر إليها جواب.. حتى يوافيها القمر ويسجد معها ، ويستأذن من أين يطلع ؟ فلا يحار إليه جواب..
حتى يحبسهما مقدار ثلاث ليال للشمس ، وليلتين للقمر… ، فلا يعرف طول تلك الليلة إلا المتهجدون في الأرض.. وهم حينئذ عصابة قليلة في كل بلدة من بلاد المسلمين..
في هوان من الناس وذلة من أنفسهم ،.
فينام أحدهم تلك الليلة قدر ما كان ينام قبلها من الليالي ، ثم يقوم فيتوضأُ ويدخل مصلاه فيصلي ورده ، كما كان يصلي قبل ذلك..
ثم يخرج فلا يرى الصبح...
فينكر ذلك ويظن فيه الظنون من الشر ثم يقول : فلعلي خففت قراءتي ، أو قصرت صلاتي ، أو قمت قبل حيني..
ثم قال : ثم يعود أيضا فيصلي ورده كمثل ورده ، الليلة الثانية ، ثم يخرج فلا يرى الصبح ، فيزيده ذلك إنكارا…
،ويخالطه الخوف ، ويظن في ذلك الظنون من الشر، ثم يقول : فلعلي خففت قراءتي ، أو قصرت صلاتي ، أو قمت من أول الليل.
ثم يعود أيضا الثالثة وهو وجل مشفق لما يتوقع من هول تلك الليلة ، فيصلي أيضا مثل ورده ، الليلة الثالثة.
ثم يخرج فإذا هو بالليل مكانه والنجوم قد استدارت وصارت إلى مكانها من أول الليل.
، فيشفق عند ذلك شفقة الخائف العارفِ بما كان يتوقع من هول تلك الليلة فيستلحمه الخوف.
، ويستخفه البكاء ، ثم ينادي بعضهم بعضا ، وقبل ذلك كانوا يتعارفون ويتواصلون. ، فيجتمع المتهجدون من أهل كل بلدة إلى مسجد من مساجدها ، ويجأرون إلى اللهِ عز وجل بالبكاء والصراخ بقية تلك الليلة.
والغافلون في غفلتهم….
حتى إذا ما تم لهما مقدار ثلاث ليال للشمس وللقمر ليلتين ، أتاهما جبرئيل فيقول. : إن الربّ عز وجل يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منها.
وأنه لا ضوءَ لكما عندنا ولا نور…
. قال : فيبكيان عند ذلك بكاء يسمعُه أهل سبع سموات من دونهما وأهل سرادقات العرش وحملة العرش من فوقهما.
فيبكون لبكائهما مع ما يخالطهم من خوفِ الموت وخوف يوم القيامة
. قال : فبينما الناس ينتظرون طلوعهما من المشرق إذا هما قد طلعا خلف أقفيتهم من المغرب أسودين مكورين كالغرارتين ،.
ولا ضوء للشمس ولا نور للقمر ، مثلهما في كسوفهما قبل ذلك… ؛ فيتصايح أهل الدنيا وتذهل الأمهات عن أولادها ، والأحبة عن ثمرةِ قلوبِها.
فتشتغل كل نفس بما أتاها . قال : فأما الصالحون والأبرار فإنه ينفعُهم بكاؤُهم يومئذ ويكتب ذلك لهم عبادة.
، وأما الفاسقون والفجار فإنه لا ينفعهم بكاؤُهم يومئذ ، ويكتب ذلك عليهم خسارة .
قال : فيرتفعان مثل البعيرين القرينين ، ينازعُ كل واحد منهما صاحبه استباقا ، حتى إذا بلغا سرة السماء ، وهو منصفهما…. أتاهما جبرئيل فأخذ بقرونهما ثم ردهما إلى المغرب..
، فلا يغربهما في مغاربِهما من تلك العيون ، ولكن يغربهما في بابِ التوبة . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنا وأهلي فداؤُك يا رسول اللهِ…
فما باب التوبة ؟…
قال : يا عمر ! خلق اللهُد عز وجل بابا للتوبة خلف المغرب ، مصراعين من ذهب ، مكللا بالدر والجوهر ،…
ما بين المصراع إلى المصراع الآخرِ مسيرة أربعين عاما للراكبِ المسرع.. ؛ فذلك الباب مفتوح منذ خلق الله خلقه إلى صبيحة تلك الليلة عند طلوعِ الشمسِ والقمرِ من مغاربهما..
، ولم يتب عبد من عباد الله توبة نصوحا من لدن آدم إلى صبيحة تلك الليلة إلا ولجت تلك التوبة في ذلك الباب..
ثم ترفع إلى الله عز وجل . قال معاذ بن جبلٍ : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! وما التوبة النصوح ؟ قال : أن يندم المذنب على الذنب الذي أصابه..
فيعتذر إلى الله ثم لا يعود إليه ، كما لا يعود اللبن إلى الضرع… ، قال : فيرد جبرئيل بالمصراعين فيلأم بينهما ويصيرهما كأنه لم يكن فيما بينهما صدع قط ، فإذا أُغلق باب التوبة لم يقبل بعد ذلك توبة.. ولم ينفع بعد ذلك حسنة يعلمها في الإسلام إلا من كان قبل ذلك محسنا ، فإنه يجري لهم وعليهم بعد ذلك ما كان يجري قبل ذلك..
قال : فذلك قوله عز وجل : ?يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانهاا خيرا…
. فقال أبي بن كعب : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فكيف بالشمس والقمر بعد ذلك.. وكيف بالناس والدنيا ؟ فقال : يا أبي ! إن الشمس والقمر بعد ذلك يكسيان النور والضوء…
حقيقة خلق الشمس و القمر…..
، ويطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك…
، وأما الناس فإنهم نظروا إلى ما نظروا إليه من فظاعة الآية ، فيلحون على الدنيا حتى يجروا فيها الأنهار ويغرسوا فيها الشجر ، ويبنوا فيها البنيان..
وأما الدنيا فإنه لو أنتج رجل مهرا لم يركبه من لدن طلوع الشمس من مغربها إلى يوم ينفخ في الصورِ . فقال حذيفة بن اليمان.. : أنا وأهلي فداؤك يا رسول الله ! فكيف هم عند النفخ في الصور ؟ ! فقال : يا حذيفة! والذي نفس محمد بيده ، لتقومن الساعة ولينفخن في الصور والرجل قد لط حوضه فلا يسقى منه ، ولتقومن الساعة والثوب بين الرجلين فلا يطويانه ، ولا يتبايعانه . ولتقومن الساعة والرجل قد رفع لقمته إلى فيه فلا يطعمها ، ولتقومن الساعة والرجل قد انصرف بلبن لقحته من تحتها فلا يشربه ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :…. ?وليأتينهم بغتةً وهم لا يشعرون? .
فاذا نفخ في الصور…
وميز الله بين أهل الجنة وأهل النار ولما يدخلوهما بعد ، إذ يدعو الله عز وجل بالشمس والقمر فيجاء بهما أسودين مكورين..
قد وقعا في زلزال وبلبال ، ترعد د فرائصهما من هول ذلك اليومِ ومخافة الرحمن..
حتى إذا كانا حيال العرش خرا لله ه ساجدين.. فيقولان : إلهنا قد علمت طاعتنا ودءوبنا في عبادتك ، وسرعتنا للمضي في أمرك أيام الدنيا..
،
فلا تعذبْنا بعبادة المشركين إيانا ، فإنا لم ندع إلى عبادتنا ، ولم نذهل عن عبادتك..
قال : فيقول الربّ تبارك وتعالى : صدقتما ، وإني قضيت على نفسي أن أبدئ وأعيد ، وإني معيدكما فيما بدأتكما منه ،..
فارجعا إلى ما خلقتما منه ، قالا : إلهنا ومم خلقتنا ؟ قال : خلقتكما من نور عرشي فارجعا إليه . قال : فليتمعْ من كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الأبصار نورا… ، فتختلط بنور العرش .
فذلك قوله عز وجل : ?يبدئُ ويعيدُ? . قال عكرمة فقمت مع النفر الذين حدثوا به ، حتى أتينا كعبا فأخبرناه بما كان من وجد ابن عباسٍ من حديثِه ، وبما حدث عن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم..
، فقام كعب معنا حتى أتينا ابن عباسٍ..
، فقال : قد بلغني ما كان من وجدك من حديثي ، وأستغفر الله وأتوب إليه..
وإني إنما حدثت عن كتاب دارس قد تداولته الأيدي ، ولا أدري ما كان فيه من تبديل اليهود ، وإنك حدثت عن كتاب جديد حديث العهد بالرحمن عز وجل وعن سيدِ الأنبياء وخيرِ النبيين ، فأنا أحب أن تحدثني الحديث فأحفظه عنك ،..
فإذا حدثت به كان مكان حديثي الأول . قال عكرمة : فأعاد عليه ابن عباسٍ الحديث ، وأنا أستقريه في قلبي بابا بابا ، فما زاد شيئا ولا نقص ، ولا قدم شيئا ولا أخر ،..
فزادني ذلك في ابن عباس رغبة..
وللحديثِ حفظا
ابن جرير الطبري (ت ٣١٠)، تاريخ الطبري ١/٦٥ • في إسناده نظر • أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (٤/ ١١٦٣) بنحوه، والثعلبي في «التفسير» (١٦/ ٢٩٥)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥٢/ ٤٣٤) مختصرا.