معجزة سفينة نوح عليه السلام.
تعتبر سفينة نوح معجزة إلهية بكل المقاييس، فقد كان طولها حوالي ثلاثمائة ذراع و عرضها حوالي عرون ذراعا.
أي أن مساحتها كانت تبلغ ستة ألاف ذراع، بما يعادل ثلاث الاف متر مربع تقريبا.
و كانت تتكون من ثلاث طوابق بارتفاع خمسون ذراعا، أي بما يعادل إرتفاع مبنى يتكون من ثمان طوابق،
كان الطابق الاخير من السفينة مسقوفا بالخشب.
المعجزة في بناء السفينة
كان نوح عليه السلام يصنع السفينة بوحي من جبريل عليه السلام في كل لوح خشبي يضعه ،. و في كل مسمار يدقه.
فهو كان لا يعرف شيئا عن صناعة السفن ، و كانت الملائكة تساعده و تعاونه في صناعتها.
قال تعالي:
( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ )
و قد صُنعت السفينة من الخشب المثبت ببعضه بالمسامير
قال تعالي : [وحملناه على ذات ألواح ودسر]
(والدسر) هي : المسامير
و كان يصنع السفينة في الصحراء ، علي غير عادة صانعي السفن ، فهي تصنع علي شواطئ البحار و الأنهار ، مما جعله عرضه لسخرية قومه، فهم لا عهد لهم بصناعة السفن ، ولايفهمون ماذا يفعل نوح.
قال تعالى
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ* فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيم ).
علامة تيسير سفينة نوح.
أمره ربه بتسيير السفينة إذا فار التنور فهي العلامة الفارقة ، أن يحمل معه المؤمنين ، ومن كل زوجين أثنين ، وأن من كفر من قومه سيغرق بالطوفان.
قال تعالي
(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ )
و هناك إختلاف و آراء كثيرة في معني التنور ، لكن أوثق الآراء أنه الفرن المعروف
فيكون المعني : إذا خرج الماء من فرن بيتك.
معجزة السفينة..
أن تتحمل السفينة فيضان الماء ، و ارتفاع الأمواج العاتية ، التي وصفها عز وجل بقوله تعالي : {وهي تجري بهم في موج كالجبال }
و يتضح من التعبير القرآني ، أنها كانت تجري وسط الماء الذي صار له عنفوان الموج ، والذي كاد ارتفاعه أن يطول الجبال ،.
مما يدل علي شدة و قوة المياه ، و لم تكن تسير ، بل كانت تجري مسرعة ، في الماء ،الذي يغمرها من تحتها و من فوقها ، ويحتويها من كل جوانبها .
، والمعتاد أن السفن تتهادي وتمشي فوق الماء
و تحملت الماء المندفع من الأرض ، والماء المنهمر من السماء إلي أن رست علي جبل الجودي بعد أربعين يوم و قيل ثلاثة أشهر ، و قيل أكثر من ذلك
ناهيك عن قوة الضغط والتدمير التي تنتج عن كل هذا الماء حيث قيل أن كمية الماء التي تلقته الأرض حينئذٍ يعادل ١٦٠ الف مرة حجم ماء المحيط الأطلسي.
و قيل أنه يقدر بحوالي (٦،٦٦)الف مليون متر مكعب و الذي أغرق كل شئ على الأرض ، وتركها كأن لم تغن بالأمس
قال تعالي
{ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقي الماء علي أمر قد قدر}
هذا الماء الذي يستحيل أن تنجو منه أي سفينة عادية ،إلا أنه ما الغرابة؟! وهي تجري علي مرأي من الله ، و بأمره ، وقد تعهدها سبحانه وتعالي أثناء جريانها وعند مرساها بالعناية والرعاية
قال تعالي : { بسم الله مجراها ومرساها }
وقال تعالى : {تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر}
السفينة كانت تجري بسرعة شديدة وسط هيجان الفيضان ، والماء المتدفق من الأرض ، و الماء المنهمر من السماء ، و الأمواج العالية.
رغم أنها كانت خالية من وسائل الدفع، و الحركة والتوجيه ، فلا اشرعة ، أو مجاديف ، أو عجلة قيادة ،أو مواتير من التي نعرفها الآن ،.
لكنها تجري تحت رعايته وعنايته ، فالله سبحانه وتعالى هو الذي تولي قيادتهاوتسييرها وتولي نجاتها ، وحفظ ركابها
قال تعالي (تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر )
و قال تعالي :(بسم الله مجراها ومرساها)
المعجزة أيضا هي ركاب السفينة.
فقد شحنت السفينة بكل من آمن مع نوح من البشر ، و كل الحيوانات والطيور والحشرات ، والديدان ، والزواحف ، من كل صنف زوجين إثنين
قال تعالي:( واحمل فيها من كل زوجين اثنين )
علي إختلاف بيئاتها ، و طبائعها ، و مع إختلاف طرق معيشتها ، ونوعية غذائها ، والتناقض والتضاد بينها ، وفيها من هو عدو للآخر ،.
الا أنها تعايشت بسلام مع بعضها لمدة أربعين يوماً أو أكثر ، إلي أن وصلت السفينه محطتها الاخيرة.
، و استقرت علي جبل (الجودي) الذي يقع أقصي جنوب تركيا في حدودها مع العراق وسوريا.
وقد وصفها رب العزة بالسفينة المشحونة، وتعهد بنجاتها ومن مع نوح من المؤمنين ، وغيرهم ممن شحنت بهم السفينة
قال تعالي:
{وأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون}
وبذلك تعد السفينة في صناعتها ، وقوة تحملها وسرعتها ، وحمولتها ، وركابها ،
معجزة آلهية لسيدنا نوح عليه السلام تفوق قدرات البشر فليست هى من صناعته.
فقد كان عليه السلام يتلقى تعاليم صناعتها من جبريل عليه السلام خطوة بخطوة ، و ليس هو ربانها ، و قائدها
فسبحان الله الذي تعهد بصناعتها ، وسيرها وسط كل هذا الماء ، وحفظها ، وانجاها هي ومن عليها ، وأرساها بأمان وسلام علي جبل الجودي
سفينة نوح عليه السلام.
بعد أن رست السفينة علي جبل الجودي بسلام ، و أغرق الله الكافرين ، و أنجا المؤمنين ، أمر الأرض أن تبلع ماءها ، وأمر السماء أن تكف عن سيولها ،.
وينتهي كل شئ ، آية كبيرة ، ومعجزة عظيمة للعالمين كما ذكر الله عز وجل
قال تعالي:
[وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ]
وقال تعالى:
[وجعلناها آية للعالمين]
وقال تعالي :
{ولقد تركناها آية فهل من مدكر}
وأخيرا..
تجدر الإشارة إلي أن سيدنا نوح كان له أربعة أبناء هم :-
(سام) ، (حام) ، (يافث) ، (وكنعان) ،.
آمن منهم سام ، وحام ويافث ، وركبوا مع أبيهم السفينة ، أما كنعان فكان من المغرقين ، و هلك في الطوفان ، فقد أصر علي العناد والكفر
قال تعالي:
{وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الكَافِرِينَ *
قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ ﴾
[هود: 42 – 43]
ومن أبناء نبي الله نوح ،(سام) ،(حام) ، (يافث) تناسلت البشرية، وعمرت الأرض مرة أخري
وأما (سام) فهو أبو العرب واليهود ، (ويافث) هو أبو الترك والروم ، (وحام ) هو أبو الحبش والسود
قال تعالي :
{وجعلنا ذريته هم الباقين، وتركنا عليه في الآخرين ( 78 ) سلامٌ على نوح في العالمين. إنا كذلك نجزي المحسنين ( 80 ) إنه من عبادنا المؤمنين (81 ) }