قصة زرقاء اليمامة ونهايتها المأساوية..

زرقاء اليمامة…. حيث يروي أحدهم ويقول…
منذ زمن وعندما كنت صغيرا قمت بالذهاب مع ابي الي محل حتي اقوم بعمل نظارة..

لانني كنت امتلك نظرا ضعيفا، و عندما وصلنا الي محل النظارات، و كعادتي منذ صغري و انا اعشق القراءة، قرأت يافطة المحل.. و اذا به اسمه زرقاء اليمامة..
شعرت بالاستغراب جدا، فمنذ متي يكون اليمام ازرق اللون..! هذا غير منطقي علي الاطلاق.

سألت ابي ما معني هذا الاسم ابي؟؟
واجابني ابي وقتها  قائلا هذه كانت فتاة جميلة وكانت تمتلك نظرا ضعيفا، ورات انها تاكل جزرا كثيرا حتي تستعيد بصرها للاقوي،.

وقامت بارتداء نظارة جميلة كالتي سوف ترتديها، وقتها بالطبع صدقت كلام ابي. بالتاكيد ابي كان يشجعني ويحفزني علي ارتداء النظارة بطريقة لطيفة… واقتنعت بهذا الكلام وسكت..

قصة بلعام بن باعوراء

لم اكن ادري انه كلام وعبارات فقط من ابي حتي يراضيني.. ولكن القصة فيها شيئ من الحقيقة بالطبع،
عندما مرت السنوات وكبرت قابلتني كثيرا اشعارا للجاهلية تتكلم عن هذا الاسم ، وقتها قولت لنفسي كلا انها ليست قصة فتاة ترتدي نظارة، الامر اكبر من هذا.. فياتري من تكونين..!

قرات كثيرا حتي اعرف من تكون هذه الفتاة..

القصة الحقيقية..

الحقيقة ان زرقاء اليمامة كان اسمها عنز ،من قبيلة جديس و قد عرفت بجمالها، حيث كانوا يشبهونها بالقمر ليلة البدر..

وقد عاشت في اليمامة في منطقة كان يطلق عليها جو في نجد  بالجزيرة العربية وسميت بعد ذلك هذه المنطقة باسم اليمامة..

و كانت تتميز بانها تمتلك بصرا حادا قويا، وبقدرتها على رؤية الاشياء من مسافات بعيدة جدا و لذلك سميت بـهذا الاسم..

يقول “الزمخشري” في كتاب (المستقصى في امثال العرب).. ان زرقاء اليمامة كانت اسمها الاصلي “عنز”.

لكن سميت زرقاء لان عينيها كانت زرقا وواسعة و كانت تمتلك بصرا حادا، الي حد ان كانوا يضربون بها الامثال ويقولون ابصر من زرقاء اليمامة..

في كتاب (العقد الفريد) للشاعر الاندلسي “ابن عبد ربه” يقول انها  كانت تستطيع رؤية الشعرة البيضا وسط اللبن،

وتستطيع ان تري بوضوح من علي بعد مسيرة 3 ايام…

وقال “المسعودي” في كتابه (اخبار الزمان) ان زرقاء اليمامة كان لديها احدي العيون اكبر من الاخري..وعندما تغمض العين الكبيرة كانت تبصر بالعين الصغيرة مسافة اميال..

وان زرقاء اليمامة كانت تري بوضوح الافلاك والنجوم والكواكب..

بمعني ان في حاله ان كان هناك اي هجوم علي قبيلتها، فان زرقاء اليمامة كانت تستطيع رؤية العدو من علي بعد مسيرة ثلاثة ايام..

وبسبب هذه الهبة العظيمة استطاعت زرقاء اليمامة ان تحمي قبيلتها من اي اعتداء محتمل..لانها كانت تراهم وتقوم بتبليغ قبيلتها عن مكان الاعداء حتي يتجهزوا ويستعدوا لصد هذا الاعتداء..

وكتب الشاعر “نابغة الذبياني” عنها في واحدة من معلقاته، وحكي عنها قائلا، كان هناك مجموعه كبيرة من طيور الحمام هبطوا حتي يشربوا،واستطاعت زرقاء اليمامة ان تقوم بعدهم جميعا بدقة كبيرة..

ونفس هذه القصة ذكرها “سيبويه” في كتابه (الكتاب)، ومكتوبة ايضا في كتاب (خزانة الادب) ل”عبد القادر البغدادي”..

و قال “الزمخشري” انها  هي اول من تكحلت بالاثمد، و هو حجر يطحن ليستخدم مسحوقه لتكحيل العيون..

فلما سألوها بماذا كنت تكتحلين، قالت بغبوق من صبر و صبوح من اثمد”..
ولان لكل شيئ نهاية، فان نهاية زرقاء اليمامة كانت مأساوية للاسف.

كان هناك قبيلة مجاورة لقبيلة جديس التي منها زرقاء اليمامة، و كانت هذه القبيلة اسمها طسم..

حدث ان في يوم قتل شخص من قبيلة طسم علي يد اشخاص من قبيلة جديس. وبناء علي ذلك قام الفرسان من قبيلة طسم يريدون الاخذ بالثار،من قبيلة جديس وان يقوموا بالاغارة عليها..
ولكن زعيم قبيلة طسم اخذ يفكر لانه كان يعلم بامر زرقاء اليمامة وانها ذات بصر حاد.. وبالطبع ستستطيع ان تراهم بوضوح وان تبلغ قبيلتها ويقوموا باخذ حذرهم..
فما كان من زعيم قبيلة طسم الا ان اهتدي لفكرة عجيبة..

اشجار تقترب وتتحرك..

حيث امر رجاله بان يقوموا بقطع شجيرات من الارض علي عدد افراد جيشه. وان يتحركوا وهم مستخفين وراء هذه الشجيرات..

لكن بالفعل استطاعت الفتاة  من رؤيتهم، لكنها رأت ان اشجارا فقط تقترب وتتحرك..
وبالرغم من عدم استيعابها لما يحدث فقد قامت بالذهاب الي زعماء قبيلتها وقامت بابلاغهم عن من رأته.. ان هناك اشجار تقترب منهم.

لكن هنا قامت قبيلتها بالاستهزاء والسخرية منها بشدة وبالطبع لم يصدقونها..
ولم يشفع لها انها قامت بحمايتهم مرات عديدة من هجمات للاعداء، وكانت هذه فرصة بالطبع للحاقدين عليها  ووجدوها فرصة للتقليل منها ومن موهبتها ونظرها الحاد واتهامها بالجنون ايضا..

و كانت النتيجة ان قامت قبيلة طسم بالاغارة عليهم فجأة وقاموا بالقضاء نهائيا علي قبيلة جديس، وقيل في النهاية ان قام زعيم قبيلة طسم بتعذيب زرقاء اليمامة واقتلاع عينينها ثم قام بصلبها علي مدخل القبيلة.. لانها كانت سببا في فشل غاراتهم اكثر من مرة.. ومنذ ذلك الوقت وهذه المنطقة والتي كانت اسمها جو اصبحت تسمي اليمامة..

الساحر و الراهب و الغلام

ترك الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *