أولاف يانسن البحار النرويجي.

هل يمكن ان تكون جغرافية العالم الذي نعرفه غير مكتملة.
هل هناك غموض يحيط بأرض الشمال؟
هذه قصة رائعة يرويها أولاف يانسن عن أرض الشمال المتجمد.

قصة مذهلة قد تبدو صعبة الإستيعاب، ولكن من يدري لعلها الحقيقة
أرض هايبوربوريا، أرض الحياة الأبدية ومهد الجنس البشري

ليس هدفنا هو مناقشة الأساطير والمعتقدات، لكن ما نهدف اليه هو تنوير العامة فيما يتعلق بجزء غير معروف حتى الان من الأرض.
هناك قول مأثور قديما بأن الحقيقة دائما أغرب من الخيال

نعود إلى القصة المذهلة

بعد أن احتفل أولاف يانسن بعيد ميلاده الخامسة والتسعين بدأ يروي قصته العجيبة عن رحلته مع والده إلى أرض الشمال، أرض الغموض.

كان أولاف يانسن يعيش سنواته الأخيرة في جنوب كاليفورنيا، لكنه قضى السنوات الاثنتي عشرة السابقة في إحدى ولايات الشرق الأوسط.

قبل ذلك، كان يعمل صيادا قبالة سواحل النرويج، في منطقة جزر لوفودن، ومن هناك قام برحلات أبعد إلى الشمال إلى سبيتزبرجن وحتى إلى فرانز جوزيف لاند.

يقول أولاف يانسن ( أتذكر جيدا أننا غادرنا ستوكهولم في مركب الصيد الشرعي الخاص بي أنا ووالدي، و كان ذلك في اليوم الثالث من شهر ابريل في عام 1829.

ثم أبحرنا إلى الجنوب، تاركين جزيرة جوثلاند إلى اليسار، و جزيرة أولاند إلى اليمين.

ثم بعد بضعة أيام وصلنا إلى مدينة كريستيانساند، فاسترحنا فيها لمدة يومين، ثم بعد ذلك انطلقنا حول الساحل الاسكندنافي غربا متوجهين الى جزر لوفودن.

يقول اولاف يانسن  كانت روح والدي المعنوية مرتفعة جدا بسبب ااعوائد الممتازة التي حصل عليها من صيدنا الأخير عن طريق التسويق في ستوكهولم،.

لقد كان مسرورا ببيع بعض الأنياب العاجية التي عثر عليها عغى الساحل الغربي لفرانز جوزيف. و كان يأمل أن نكون محظوظين هذه المرة أيضا.

وصلنا الى هامرفست عند خط عرض واحد وسبعين درجة،

وبقينا هناك لمدة أسبوع، حيث قمنا بتخزين مؤن إضافية و عدة براميل من مياه الشرب، ثم اسأنفنا الرحلة بإتجاه سبيزبيرجن.

في الأيام القليلة الأولى كان أمامنا بحر مفتوح مع رياح لطيفة، بعدها واجهنا الكثير من الجليد و الكثير من الجبال الجليدية.

بحيث لا يمكن لسفينة أكبر من مركبتنا الشراعية الصغيرة أن تشق طريقها بين متاهاات الجبال الجليدية. وامواج البحر العاتية
واخيرا بعد تحديات كبيرة وصلنا الى سبيتزبرجن وكان ذلك في الثالث والعشرين من شهر يونيو، وقمنل بالرسو في خليج ويجاد لفترة قصيرة، حيث قمنا بالصيد بنجاح.

ثم بعد ذلك رفعنا المرساة و قمنا بالابحار عبر مضيق هنلوبن و أبحرنا على طول الأرض الشمالية الشرقية.

وفجأة هبت رياح قوية من الجنوب الغربي، فقال والدي انه من الافضل ان نحاول نستغل هذه الرياح في الوصول الى ارض فرانز جوزيف. فهو المكان الذي عثر عليه في العام السابق على الانياب العاجية التي جلبت له سعر جيد في ستوكهولم.

يقول اولاف يانسن لم يسبق لي رؤية هذا الكم من الطيور البحرية من قبل، أو بعدها.

لقد كانوا كثيرين جدا لدرجة أنهم أخفوا الصخور على خط الساحل و حجبوا وأظلموا السماء.
ولمدة عدة أيام أبحرنا على طول الساحل الصخري لأرض فراكز جوزيف، و أخيرا هبت ريح مناسلة مكنتنا من الوصول إلى الساحل الغربي.

و بعد الإبحار لمدة يوم وصلنا إلى مدخل جميل، لا يمكن للمرأ أن يصدق أنها كانت في أقصى نورثلاند.

كان اامكان أخضر مع نمو النباتات، ورغم ان المنطقة كانت لا تزيد عن فدان واحد أو اثنين إلا أن الهواء كان دافئا و هادئا.

كان والدي لديه إعتقاد راسخ بأن في الشمال لا تزال هناك أرض أكثر جمالا من أي أرض عرفها الإنسان على الإطلاق، و أن تلك الأرض كانت مأهولة بالصفوة.

كان كلام والدي عن تلك الأراضي الرائعة قد أشعل مخيلتي بحماسة كبيرة، فقمت بالصراخ بحماس، لماذا لا نبحر إلى هذه الأرض الطيبة أبي!!!

و إلى الأن لا أنسى تعابير المفاجأة الممتعة على وجه أبي و هو يتجه نحوي و يسألني ( يابني هل أنت مستعد للذهاب معي و الإستكشاف! للذهاب إلى ما هو أبعد من حيث غامر الإنسان من قبل؟

أجبته بالإيجاب، فأجاب ( جيد جدا فليحمينا الإله..)

و بسرعة قام بتعديل الأشرعة و ألقى نظرة خاطفة على بوصلتنا، وأدار المقدمة في الإتجاه الشمالي عبر قناة مفتوحة

و بدأت رحلتنا……

يقول إنطلقت سفينة الصيد الصغيرة الخاصة بنا إلى الأمام كما لو كانت حريصة مثلنا على المغامرة.
و في غضون 36 ساعة إبتعدنا عن أعلى نقطة على الخط الساحلي لأرض فرانز جوزيف.

بدا و كأننا نواجه تيارا قويا يجري من الشمال إلى الشمال الشرقي.

و علي يميننا و يسارنا كانت هناك جبال جليدية.

لكن مركبتنا نزلت في المضيق الضيق و مرت عبر قنوات و خرجت إلى البحار المفتوحة.

قنوات ضيقة جدا في أماكن لو كانت مركبتنا غير صغيرة لما تمكنا من الوصول إليها أبدا.
و في اليوم الثال و صلنا إلى الجزيرة داخل البحر المفتوح، و قرر والدي الهبوط والإستكشاف ليوم واحد.

كانت هذه الأرض خالية من الأخشاب، اكننا وجدنا تراكما كبيرا من الأخشاب الطافية على الشاطئ الشمالي.

و كان طول بعض جذوع الأشجار أربعين قدما و قطرها قدمين.

و بعد يوم واحد من إستكشاف هذه الجزيرة، قمنا برفع المرساة و أدرنا مقدمتنا نحو الشمال في البحر المفتوح.
أتذكر أني و أبي لم نتذوق الطعام منذ ما يقرب من ثلاثين ساعة،.

ربما كان هذا بسبب التوتر و الإثارة بشأن رحلتننا الغريبة إلى الشمال
و بدلا من أن يكون الطقس شديد البرودة كما توقعنا، فقد كان الجو أكثر دفئا وروعة مما كان عليه أثناء تواجدنا في هامرفست على الساحل الشمالي للنرويج قبل ستة أسابيع.

إعترفنا بالجوع و على الفور أعددت وجبة كبيرة من مخزننا، وتناولنا الوجبة بنهم وحرارة، و أخبرت والدي بأنني سأنام لأنني بدأت أشعر بالنعاس،.

لا أعلم المدة التي نمت فيها بالتحديد،

لكن كل ما اعرفه انني استيقظت بسبب ضجة رهيبة من السفينة الشراعية،.

و كانت المفاجأة أنني وجدت والدي نائما بشكل هادئ، فصرخت اليه بقوة، و في الواقع لو لم يمسك بالسياج على الفور لكان تم القاؤه في الأمواج الهائجة.

كانت عاصفة ثلجية شرسة، و كانت الريح تقود مركبتنا الشراعية بسرعة كبيرة، و كانت تهدد في كل لحظة بالإنقلاب.

لم يكن لدينا وقت لنضيعه و كان لابد من إنزال الأشرعة بسرعة.

كان القارب يتأرجح بقوة، وكنا نعلم بأن بعض الجبال الجليدية على جانبينا.

رحلة اولاف يانسن.

لحسن الحظ كانت ااقناة مفتوحة مباشرة إلى الشمال.

و كان هناك ضباب كثيف أسود كالليل على حواف المياة

من حسن الحظ لقد تم تثبيغ بوصلتنا بواسطة مسامير طويلة، و مع ذلك تم سقوط معظم مؤنتنا و انجرفت بعيدا عن سطح القارب،

ولو لم نتخذ الإحتياطات لربط أنفسنا بقوة بصواري السفينة لكان من الوارد أن ننجرف الى البحر.

يقول اولاف يانسن للحظة شعرت بأنه لا مفر للهروب من الموت، كانت السفينة صغيرة وكان الثلج يتساقط بسرعة كبيرة لدرجة أنه يحجب الرؤية، وكانت الأمواج تتلاطم بقوة حولنا.

بقينا على هذه الحال الصعبة والمحنة العنيفة المرهقة للأعصاب ثلاث ساعات، وكنا طوال الوقت نتقدم إلى الأمام بقوة، ثم فجأة بدأت الرياح تخف وتهدأ تدريجيا.

وأخيرا أصبح الجو هادئ و اختفى الضباب، و كانت أمامنا قناة مفتوحة بلا جليد كان يبلغ عرضها عشرة أو خمسة عشر ميلا،

مع وجود عدد من الجبال الجليدية بعيدة عنا إلى اليمين، و أرخبيل من الجزر الأصغر حجما الى يسارنا.

ثم بدأ والدي بفك الحبل من على خصره، و بدأ في تشغيل المضخاغ التي لحسن الحظ لم تكن تضررت وتخلصنا من الماء الذي تسببت به العاصفه من على القارب.

كان والدي مثابرا شجاعا وأشار الى قرب وصول رياح عاتية، وبعد التحقق من المؤن وجدنا ان ثلث المؤن قد فقدت، والكارثة أن براميل المياة الصالحة للشرب سقطت في البحر.
كان لدينا امدادات من الطعام معقولة لكننا فقدنا أي مياة عذبة.

حاولت أن أتجاهل و أنسى عطشي و انشغلت بإحضار بعض الطعام وإناء فارغ من العنبر.

و صلت الى السياج الجانبي، و ملأت الوعاء بالماء من البحر بغرض أن أغسل وجهي و يدي.

و المفاجأة كانت بعد أن لمس الماء شفتي،.

لم أكن أتذوق ماء مالح على الإطلاق، لقد أذهلني هذا الإكتشاف، إنه ماء عذب،إنه ماء عذب، هكذا صرخت.، قال وال.ي عذب ماذا يا اولاف لابد أنك مخطئ، لا يوجد أرض هنا، ولكن كان واقدي قد تذوق الماء بالفعل.

و هكذا توصلنا الى اكتشاف أن المياة كانت عذبة بالفعل دون أدنى شك،

و فورا بدأنا نملأ براميل المياة الفارغة، فقد كان لدينا برميلين من المياة الفارغة.

كانت هذه الظاهرة لم نسمع عنها من قبل، وهي وجود المياة العذبة على طبقة من المياه المالحة.
بعد ذلك أخذت البوصلة في التحرك باضطراب كبير كنا نتقدم إلى الشمال باستمرار.

كان قد مر علينا إحدى عشر يوما منذ العاصفة.

كان الوقت يبدو أنه الأول من أغسطس والشمس كانت ساطعة مع وجود الدفء، وكان دائما هناك نجم لامع كبير فوقنا في السماء.

و في أحد الأيام بعد ذلك كنت قد نمت نوما عميقا، الا إنني استيقظت فجأة و كان والدي يهزني بقوة وهو يصرخ، استيقظ يا أولاف هناك أرض في الأفق.

قمت فرحا جدا ونظرت أمامي فإذا بأرض تبرز بجرأة من البحر. كلما إقتربنا وجدنا النباتات والأشجار تغطي ضفاف هذه الأرض.
كنا ننظر الى الأرض فرحين ومع إقترابنا قمنا بسحب شبكة صيد صغيرة كانت معنا والقيناها في البحر واصطدنا عدد قليل من الأسماك. تمت إضافتها الى مؤنتنا.

كانت البوصلة تتحرك سريعا جدا.

من ثم توقفت فجأة و كانت لا تزال تشير الى الشمال.

قمنا بالإبحار لمدة ثلاث أيام على طول الشاطئ، ثم وصلنا الى مصب المضيق البحري أو نهر هائل الحجم.

كان يبدو كخليج عظيم، و واصلنا شق طريقنا الى الداخل، حتى تبين بعد ذلك أنه نهر عظيم كان يطلق عليه سكان الشمال إسم حيديقيل) .

واصلنا رحلتنا لمدة عشرة أيام، ووجدنا أنفسنا وصلنا الى مسافة حيث لم يعد هناك المد و الجزر يؤثر على المياة التي أصبحت عذبة.

لم نضيع أي وقت في تجديد ملأ البراميل، ثم واصلنا الإبحار بعيدا أعلى النهر عندما كانت الرياح مواتية.

على طول الضفاف، يمكن رؤية غابات كبيرة تمتد على مسافة أميال تمتد بعيدا على خط الشاطئ. و كانت الأشجار ذات حجم هائل.

لقد هبطنا بعد الرسو بالقرب من شاطئ رملي، و خضنا في الشاطئ، و تمكننا من العثور على كمية من المكسرات التي كانت مستساغة للغاية و ترضي الجوع،

كان ذلك في الأول من شهر سبتمبر تقريبا، أي أكثر من خمسة أشهر، بعدما أخذنا إجازتنا من ستوكهولم.

ثم فجأة شعرنا بالخوف إلى حد جنوني عندما سمعنا غناء الناس من مسافة بعيدة. .

و سرعان ما اكتشفنا بعد ذلك سفينة ضخمة تنزلق أسفل النهر باتجاهنا مباشرة. كان أولئك الذين كانوا على متن السفينة يغنون بصوت واحد قوي.

، يتردد صداه من ضفة إلى ضفة، وكأنها ألف صوت، تملأ الكون كله باللحن المرتعش. على الات وترية تشبه القيثارات.

لقد رأينا أكبر سفينة، أكبر من أي سفينة سمعنا بها من قبل، و تم بناؤها بشكل مختلف أيضا.

كانت سفينة أكبر من أي سفينة رأيناها من قبل.

، وتم بناؤها بشكل مختلف.

 

في هذا الوقت كانت مركبتنا الشراعية هادئة، و لم تكن بعيدة عن الشاطئ. .

ارتفعت ضفة النهر، المغطاة بالاشجار عدة مئات من الأقدام بطريقة جميلة. بدا الأمر و كأننا على حافة غابة بدائية تمتد بلا شك بعيدا إلى الداخل.

توقفت السفينة الضخمة و تم انزال قارب وجدف ستة رجال من ذوي القامة العملاقة نحو القارب الشراعي الصغير الخاص بنا.

تحدثوا إلينا بلغة غريبة، لكننا فهمنا من أسلوبهم أنهم ودودين،

تحدثوا كثيرا فيما بينهم، و ضحك أحدهم، كأنه اكتشف اكتشاف غريب عندما وجدنا.

كان أكثر ما يثير إهتمامهم هو بوصلتنا اكثر من اي شئ اخر على القارب…..

يتبع

الجزء الثاني

العمالقة مع أولاف يانسن

ترك الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *