(وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).
جنة عرضها السماوات والأرض….
(سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [سورة الحديد 21]
(عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) لا يعني الطول والعرض
(عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) لا يعني حجمها وسعتها
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ)
فهل (عَرَضْنَا) هنا تعني الطول والعرض والحجم!!!
(وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا) [سورة الكهف 100]
فهل (وَعَرَضْنَا) هنا تعني الطول و العرض و الحجم!!
(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)[سورة اﻷنفال 67]
فهل (عَرَضَ الدُّنْيَا) هنا تعني الطول و العرض و الحجم!!
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ)البقرة 31]
فهل (عَرَضَهُمْ) هنا تعني الطول و العرض أو الحجم!!
العرض: من عرَضَ، يَعرِض، عَرْضًا، عُروضًا.
جنة عرضها السماوات والأرض.
عَرَضَ الشيءُ: ظَهَرَ و أشرف
عرَض الموضوعَ عليه: أي طرحه ليُطْلِعَه عليه، أراه إيّاه
(وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا) الكهف 100]
أيْ أظهر جهنم للكافرين إظهار وأطلعهم عليها
كذلك المعرض لعرض المنتجات الصناعية والتجارية الخ..
يقال؛ عُرضت علي صفقة تجارية مربحة / وهكذا …
(جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) أيْ هذه الجنة حقيقة كما السماوات والأرض التي تراها حقيقة
وكأن هذه (جَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالارض
جاءت لتبين هذه (جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
يريد أن يقول لك بأن هذه الجنة مادية كالسماء والأرض
كما أنك ترى السماء والأرض وتشعر بكل محتوياتها كذلك الجنة التي أحثك أن تسارع لها ومن أجلها حقيقة ملموسة
بمعنى أنك ستعيش الجنة حقيقةً كما أنك تعيش في الأرض وترى السماوات حقيقةً بذات الحس الشعور والحياة
لذلك استخدم كاف التشبيه (كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)
ولذلك استعمل (العرض) ولم يقل جنة كالسماء والأرض
سيكتمل المعنى تماما حينما نتحدث عن تبدل الأرض..
وبما أنه حثك ودفعك أن (سَارِعُوا) و (سَابِقُوا) للـ (جَنَّةٍ)
أراد أن يبين لك حقيقة ما تسارع إليه بشيء حقيقي ملموس
أراد أن يبين لك هدف المسابقة وكأنك تراه رأي العين
والسؤال الجوهري الآن..
لماذا السماء والأرض على وجه الخصوص ؟
لماذا لم يقل مثلا؛ وجنة عرضها الحياة الدنيا ؟
ج: أراد أن يشبّه لك عرض الجنة بشيء ثابت دائم لا يفنى
فالحياة الدنيا ستنتهي وتفنى / بل وكل من عليها فان
إلا السماء والأرض دائمتان للأبد كما الجنة دائمة للأبد
(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)[سورة هود 108]
فكما بيّن لك عرض الدنيا (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)
كذلك بيّن لك عرض الجنة (جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ)
في آل عمران، قال: (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ)
وخصص (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
أما في الحديد، قال: (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)
وهنا عمم، كل المؤمنين (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)
وزاد في اللفظة(عَرْضُهَا كَعَرْضِ) لأن السياق دخل عليه فضل الله
(ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
في آل عمران، قال: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
في الحديد، قال: (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)
زاد في اللفظة (عَرْضُهَا كَعَرْضِ) لأن المؤمنين أكثر من المتقين
فبما أن العدد أصبح أكثر فاستخدم لفظ أوسع(عَرْضُهَا كَعَرْضِ)
في آل عمران قال: (وَسَارِعُوا) لأنهم قلة (لِلْمُتَّقِينَ)
في الحديد قال: (سَابِقُوا) لأنهم كثرة (لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)
والمسابقة فيها مسارعة وزيادة أكثر
في آل عمران، قال: (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ) مفصلة
في الحديد، قال: (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ) جملة
والتفصيل لا يعني الكثرة
ومثاله (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)
و عندما خصص و قال (لِلْمُتَّقِينَ) استخدم (السَّمَاوَاتُ) مفصلة
و عندما عمم و قال (لِلَّذِينَ آمَنُوا) استخدم (السَّمَاءِ) بالمجمل
في آل عمران و الحديد، قال: (جَنَّة) منكّرة
لم يقل (الجنة) بـ الـ التعريف!!
و ذلك تعظيما لهذه الجنة العظيمة
كما في قوله (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ)البقرة 281]
(وَاتَّقُوا #يَوْمًا) أيضاً تعظيما لهذا اليوم العظيم
(وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
و الحمد لله رب العالمين