يعقوب عليه السلام و الريان.

ركزوا جيدا على حوار سيدنا يعقوب عليه السلام مع الريان و الكاهن.
وكأن الكاهن يقصد بني إسرائيل و الله اعلم ثم ملك بعده ابنه الريان بن الوليد بن دومع وهو الريان  فرعون يوسف عليه السلام،.

والقبط تسميه نهراوش ، وجلس على سرير الملك.

وكان عظيم الخلق، جميل الوجه، عاقلا متمكنا؛ فتكلم ومنّى الناس وضمن لهم الإحسان وأسقط عنهم الخراج ثلاث سنين،.

فأثنوا عليه وشكروه، وأمر بفتح الخزائن وفرّق ما فيها على الخاصّ والعامّ، وتمكنت منه أريحيّة الصّبا فملّك على الرعية رجلا من أهل بيته يقال له أطفين،.

وقيل فى اسمه : قطفير، وقيل: قوطيفر، وهو الذى يسميه أهل الأثر العزيز .

وكان من أولاد الوزراء.
كان عاقلا أديبا متمكنا صائب الرأى كثير النزاهة مستعملا للعدل والعمارة والإصلاح..

وأمر الريان أن ينصب له فى قصر الملك سرير من الفضة يجلس عليه ويغدو ويروح إلى باب الملك، ويخرج بجميع الوزراء والعمال والكتاب بين يديه؛.

فكفى الريّان ما خلف سريره وقام بجميع أمره وأخلاه للذّاته؛ فأقام الريان منعكفا على قصفه ولهوه منغمسا فى لذّته لا ينظر فى عمل ولا يظهر للناس ولا يخاطبهم،.

و أقاموا بذلك حينا. هذا والبلد عامر.
وبلغ الخراج فى وقته سبعة وتسعين ألف ألف مثقال فجعلها أقساما، فما كان للملك وأسبابه وموائده حمل إليه،.

فما كان فى أرزاق الجيش والكهنة والفلاسفة وأصحاب الصنائع ومصالح البلد وأهل المهنة صرف إليهم، والملك مع ذلك غير سائل عن شىء.

؛ قد عملت له مجالس من الزجاج الملوّن وأجرى حولها الماء وأرسلت فيها الأسماك المقرّطة، فكانت الشمس إذا وقعت على المجلس منها أرسل شعاعا عجيبا يبهر العيون.

وعملت له عدّة متنزهات على عدد أيام السنة، فكان كل يوم فى موضع منها، وفى كل موضع منها من الفرش والآنية والآلات ما ليس فى غيره.

العملاق عاكن بين بيحوم يهجم على مصر

فلما اتصل بملوك النواحى تشاغل الريان بلذاته وتدبير العزيز لأمره، قصده رجل من العمالقة يقال له عاكن بن بيحوم وكنيته أبو قابوس،

وقصد مصر حتى نزل على حدودها، فأنفذ إليه العزيز جيشا كثيفا وجعل عليه قائدا يقال له بريانس،.

فأقام ثلاث سنين يحاربه، ثم ظفر به العمليقى ودخل من الحدود وهدم أعلاما ومصانع كثيرة، وتمكن طمعه فى البلد فأعظم أهل مصر ذلك.

واجتمعوا إلى قصر الملك وجعلوا يصيحون ويستغيثون ويرفعون أصواتهم حتى سمعها الملك
فقال : ما بال الناس؟.

فأخبر خبر العمليقى وأنه قد دخل عمل مصر وعاث وأفسد المزارع والمصانع والأعلام، وأنه سار بجيشه إلى قصر الملك،.

فارتاع الريان لذلك وأنف منه وانتبه من غفلته وعرض جيوشه وأصلح أمره وخرج فى ستمائة ألف مقاتل سرى الأتباع،.

فالتقوا من وراء الأحواف فى تلك الصحراء، واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم العمليقى واتبعه الربان إلى حدود الشام وقتل من أصحابه خلقا وأفسد زرعهم وأكثر أشجار الفواكه والزيتون، وأحرق وصلب ونصب أعلاما على الموضع الذى بلغه.

وزبر عليها : إنى لمن يجاوز هذا المكان بالمرصاد.
فلما تمّ له هذا الظفر هابته الملوك ولا طفوه وأعظموه.
وقيل : إنه بلغ الموصل وضرب على الشام خراجا وبنى عند العريش مدينة لطيفة وشحنها هى وتلك الناحية بالرجال،.

ورجع إلى مصر فحشد جنوده من جميع الأعمال، واستعدّ لغزو ملوك الغرب فخرج فى تسعمائة ألف واتصل بالملوك خبره، فمنهم من تنحّى عن طريقه، ومنهم من دخل تحت طاعته.

رحلة الريان و غزواته .

ومرّ بأرض البربر فأجلى كثيرا منهم، ووجه قائدا يقال له مريطس فى سفن فركب البحر من ناحية رقودة.

ومرّ الريان بجزائر بنى يافث فعاث فيها واصطلم أهلها،
وخرج من ناحية أرض البربر فقتل بعضهم وصالح بعضهم وحملوا إليه الأموال،.
ومضى إلى إفريقية وقرطاجنّة فصالحوه على أموال وألطاف كثيرة حملوها إليه، ومرّ حتى بلغ مصبّ البحر الأخضر وهو موضع الأصنام النحاس،.

فأقام هناك صنما وزبر عليه اسمه وتاريخ الوقت الذى خرج فيه، وضرب على أهل تلك النواحى خراجا،.

وعدّى إلى الأرض  الجديدة.

وصار فى الإفرنجة، والأندلس فى حوزهم وعليها لذريق الأصغر، فحاربه أياما وقتل من أصحابه خلقا وصالحه بعد ذلك على ذهب مضروب،.
وعلى ألا يغزو مصر ويمنع من رام ذلك من جميع أهل النواحى،
وانصرف مشرّقا فشقّ بلد البربر فلم يمر بموضع إلا خرج أهله بين يديه وأهدوا له ودخلوا تحت طاعته.

ثم أخذ نحو الجنوب.

ومر ببلد الكوسانيين

يعقوب عليه السلام و الريان.

ركزوا جيدا على حوار سيدنا يعقوب عليه السلام مع الريان و الكاهن.
وكأن الكاهن يقصد بني إسرائيل و الله اعلم ثم ملك بعده ابنه الريان بن الوليد بن دومع وهو فرعون يوسف عليه السلام، والقبط تسميه نهراوش ، وجلس على سرير الملك.

وكان عظيم الخلق، جميل الوجه، عاقلا متمكنا؛ فتكلم ومنّى الناس وضمن لهم الإحسان وأسقط عنهم الخراج ثلاث سنين،.

فأثنوا عليه وشكروه، وأمر بفتح الخزائن وفرّق ما فيها على الخاصّ والعامّ، وتمكنت منه أريحيّة الصّبا فملّك على الرعية رجلا من أهل بيته يقال له أطفين،

الريان هو فرعون يوسف عليه السلام.

وقيل فى اسمه : قطفير، وقيل: قوطيفر، وهو الذى يسميه أهل الأثر العزيز .
وكان من أولاد الوزراء.
كان عاقلا أديبا متمكنا صائب الرأى كثير النزاهة مستعملا للعدل والعمارة والإصلاح..

وأمر الريان أن ينصب له فى قصر الملك سرير من الفضة يجلس عليه ويغدو ويروح إلى باب الملك، ويخرج بجميع الوزراء والعمال والكتاب بين يديه؛.

فكفى الريّان ما خلف سريره وقام بجميع أمره وأخلاه للذّاته؛ فأقام الريان منعكفا على قصفه ولهوه منغمسا فى لذّته لا ينظر فى عمل ولا يظهر للناس ولا يخاطبهم،.

فأقاموا بذلك حينا. هذا والبلد عامر.

وبلغ الخراج فى وقته سبعة وتسعين ألف ألف مثقال فجعلها أقساما، فما كان للملك وأسبابه وموائده حمل إليه،.

وما كان فى أرزاق الجيش والكهنة والفلاسفة وأصحاب الصنائع ومصالح البلد وأهل المهنة صرف إليهم، والملك مع ذلك غير سائل عن شىء.

؛ قد عملت له مجالس من الزجاج الملوّن وأجرى حولها الماء وأرسلت فيها الأسماك المقرّطة، فكانت الشمس إذا وقعت على المجلس منها أرسل شعاعا عجيبا يبهر العيون.

وعملت له عدّة متنزهات على عدد أيام السنة، فكان كل يوم فى موضع منها، وفى كل موضع منها من الفرش والآنية والآلات ما ليس فى غيره.

العملاق عاكن بين بيحوم يهجم على مصر

فلما اتصل بملوك النواحى تشاغل الريان بلذاته وتدبير العزيز لأمره، قصده رجل من العمالقة يقال له عاكن بن بيحوم وكنيته أبو قابوس،

وقصد مصر حتى نزل على حدودها، فأنفذ إليه العزيز جيشا كثيفا وجعل عليه قائدا يقال له بريانس،.

فأقام ثلاث سنين يحاربه، ثم ظفر به العمليقى ودخل من الحدود وهدم أعلاما ومصانع كثيرة، وتمكن طمعه فى البلد فأعظم أهل مصر ذلك.

واجتمعوا إلى قصر الملك وجعلوا يصيحون ويستغيثون ويرفعون أصواتهم حتى سمعها الملك
فقال : ما بال الناس؟.

فأخبر خبر العمليقى وأنه قد دخل عمل مصر وعاث وأفسد المزارع والمصانع والأعلام، وأنه سار بجيشه إلى قصر الملك،.

فارتاع الريان لذلك وأنف منه وانتبه من غفلته وعرض جيوشه وأصلح أمره وخرج فى ستمائة ألف مقاتل سرى الأتباع،.

فالتقوا من وراء الأحواف فى تلك الصحراء، واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم العمليقى واتبعه الربان إلى حدود الشام وقتل من أصحابه خلقا وأفسد زرعهم وأكثر أشجار الفواكه والزيتون، وأحرق وصلب ونصب أعلاما على الموضع الذى بلغه.

الريان هو فرعون يوسف.

وزبر عليها : إنى لمن يجاوز هذا المكان بالمرصاد.
فلما تمّ له هذا الظفر هابته الملوك ولا طفوه وأعظموه.
وقيل : إنه بلغ الموصل وضرب على الشام خراجا وبنى عند العريش مدينة لطيفة وشحنها هى وتلك الناحية بالرجال،.

ورجع إلى مصر فحشد جنوده من جميع الأعمال، واستعدّ لغزو ملوك الغرب فخرج فى تسعمائة ألف واتصل بالملوك خبره، فمنهم من تنحّى عن طريقه، ومنهم من دخل تحت طاعته.

رحلة الريان و غزواته .

ومرّ بأرض البربر فأجلى كثيرا منهم، ووجه قائدا يقال له مريطس فى سفن فركب البحر من ناحية رقودة.

ومرّ الريان بجزائر بنى يافث فعاث فيها واصطلم أهلها،
وخرج من ناحية أرض البربر فقتل بعضهم وصالح بعضهم وحملوا إليه الأموال،.
ومضى إلى إفريقية وقرطاجنّة فصالحوه على أموال وألطاف كثيرة حملوها إليه، ومرّ حتى بلغ مصبّ البحر الأخضر وهو موضع الأصنام النحاس،.

فأقام هناك صنما وزبر عليه اسمه وتاريخ الوقت الذى خرج فيه، وضرب على أهل تلك النواحى خراجا،.

وعدّى إلى الأرض الكبيرة
وصار فى الإفرنجة، والأندلس فى حوزهم وعليها لذريق الأصغر، فحاربه أياما وقتل من أصحابه خلقا وصالحه بعد ذلك على ذهب مضروب،.
وعلى ألا يغزو مصر ويمنع من رام ذلك من جميع أهل النواحى،
وانصرف مشرّقا فشقّ بلد البربر فلم يمر بموضع إلا خرج أهله بين يديه وأهدوا له ودخلوا تحت طاعته.

ثم أخذ نحو الجنوب ومر ببلد الكوسانيين فحاربوه فقتل خلقا كثيرا، وبعث قائدا إلى مدينة على عبر البحر الأخضر فخرج إليه ملك المدينة وأهلها.

فعرّفهم حال الريان ومصالحة الملوك له فقالوا : ما بلغنا أحد قط، وسألهم هل ركب هذا البحر أحد؟ فقالوا: ما يستطيع أحد أن يركبه،

وأخبروه أنه ربما أظله الغمام فلا يرونه أياما، وأتى الريان فتلقّوه بهدايا وفاكهة أكثرها الموز؛ وحجارة سود فإذا جعلت فى الماء صارت بيضاء،.

ثم تركهم وسار إلى أمم السودان حتى بلغ ملك الدمدم الذين يأكلون الناس، فخرجوا إليه عراة بأيديهم العمد الحديد،
وخرج ملكهم على دابة وهو عظيم الخلق له قرون،

وكان جسيما أحمر العينين، فظفر بهم فانهزموا إلى أوحال وأدغال فلم يتهيأ له اتباعهم فيها، وجازهم إلى قوم على خلق القرود لهم أجنحة صغار يثبون بها من غير ريش.

ومرّ على عبر البحر المظلم فغشيهم منه غمام فرجع شمالا حتى انتهى إلى جبل يقال له وسن، فرأى فوقه تمثالا من حجر أحمر يومئ بيده : إرجعوا، وعلى صدره مزبور: ما ورائى أحد.

فتركه وسار راجعا فانتهى إلى مدينة النحاس فلم يصل إليها.
ومضى حتى بلغ الوادى المظلم فكانوا يسمعون منه جلبة عظيمة ولا يرون أحدا لشدّة ظلمته.

وسار حتى انتهى إلى وادى الرمل ورأى على عبره أصناما عليها أسماء الملوك قبله فأقام معها صنما وزبر عليها اسمه.

فلما أسبت الرمل جاز عليه إلى الخراب المتصل بالبحر الأسود، وسمع جلبة وصياحا هائلا فخرج فى شجعان أصحابه حتى أشرف على السباع المقرنة الأنوف،.

فإذا بعضها تهرّ وتأكل بعضها بعضا، فعلم أنه لا مذهب له من ورائها فرجع،
وعدّى وادى الرمل ومرّ بأرض العقارب فهلك بعض أصحابه ورفعوها عنهم بالرّقى التى يعرفونها،
ثم جاوزهم حتى انتهى إلى مكان صلوفة وهى حية عظيمة، فهجموا عليها ولم يعرفوها وظنوا أنها جبل، ثم عرجوا عنها وتعوّذوا منها بالرّقى.

قال : ويزعم القبط أنه منعها من الحركة بسحره وتركها فهلكت. وقيل : إن تعريج هذه الحية ميل وأنها كانت تبتلع السباع هناك.
مدينة الكند : مدينة الحكماء.

وسار حتى بلغ مدينة الكند ، وهى مدينة الحكماء، فتهاربوا منه إلى جبل صعدوه من مواضع يعرفونها من داخل مدينتهم لم يعرفها غيرهم،.

ولم يجد الريان ومن معه إلى الصعود إليها سبيلا، فأقاموا عليها أياما وكادوا يهلكون من العطش.

، فنزل إليهم من الجبل رجل يقال له مندوس، كان من أفاضل الحكماء وقد لبس شعره جسده،

فقال: أين تريد أيها المغرور الممدود له فى الأجل! المرزوق الكفاية! أتعبت نفسك وجيشك!.
ألا اقتنعت بما تملكه واتكلت على خالقك وربحت الراحة وتركت العناء والغرور بهذا الخلق. فعجب الملك من قوله وسأله عن الماء فدلّه عليه،

وسأله عن موضعهم
فقال : موضع لا يصل إليه احد ولا بلغه قبلك أحد.
قال : فما عيشكم؟
قال : من أصول نبات لنا نعتصم به ونقنع بأكله ويكفينا اليسير. قال : فمن أين تشربون؟
قال : من نقار الماء من الأمطار.
قال : فلم هربتم منا؟
قال : رغبة عن خلطتكم وإلا فليس لنا ما نخاف عليه.
قال : فكيف تكونون إذا حميت عليكم الشمس؟
قال: فى غيران تحت هذه الجبال.
قال : فهل تحتاجون إلى مال أخلفه لكم؟
قال : إنما يريد المال أهل البذخ ونحن لا نستعمل منه شيئا ، استغنينا عنه بما قد اكتفينا به، وعندنا منه ما لو رأيته لحقّرت ما عندك.

قال : فأرنيه ، فانطلق به مع نفر من أصحابه إلى أرض فى سفح جبلهم فيها قضبان الذهب نابتة ، وأراهم واديا حافتاه حجارة الزبرجد والفيروذج ،

فأمر الرّيان أصحابه أن يأخذوا من كبار تلك الحجارة ففعلوا؛ ورآهم الحكيم يصلّون إلى صنم يحملونه معهم، فسألهم ألا يقيموا بأرضهم خوفا من عبادة الأصنام.

فسأله الملك أن يدله على الطريق ففعل، وودّع الحكيم وسار على السمت الذى وصفه له. فلم يمر بأمة إلا أبادها وأثر فيها إلى أن بلغ بلد النوبة، فصالح أهلها على مال يحملونه إليه، ثم أتى دنقلة فأقام بها علما وزبر عليه اسمه ومسيره.

عودته إلى مصر
ومرّ يريد منف ؛ فكان أهل كل مدينة من مدائن مصر يتلقّونه بالفرح والسرور والطيب والرياحين والملاهى إلى أن بلغ منف، فلم يبق أحد من أهلها إلا خرج إليه مع العزيز وتلقّوه بأصناف الطيب والبخورات والرياحين..

وكان العزيز قد بنى له مجلسا من الزجاج الملوّن وفرشه بأحسن الفرش المذهبة، وغرس حوله جميع الأشجار والرياحين ،

فجعل فيه صهريجا من زجاج سمائى ، وجعل فى أرضه شبه السمك من زجاج أبيض وأنزله فيه ، وأقام الناس يأكلون ويشربون أياما كثيرة.

وأمر بعرض جيشه فوجد أنه قد فقد منهم سبعون ألفا، وكان قد خرج فى ألف ألف، ووجد من انضاف إليه من الغرباء والمأسورين نيّفا وخمسين ألفا،.

وكان مسيره وغيبته إحدى وعشرين سنة. فلما سمع الملوك بذكره وما فتح من البلاد وما أسرها بوه ، وخافوا شدّة بأسه وعظم سلطانه.

وتجبّر وبنى بالجانب الشرقى قصورا من الرخام ونصب عليها أعلاما، فكان يقيم بها الأيام الكثيرة.

فكان الخراج قد بلغ فى وقته سبعة وتسعين ألف ألف فأحبّ أن يتمه مائة ألف ألف دينار ، فأمر بوجوه العمارات وإصلاح الجسور والزيادة فى استنباط الأراضى حتى بلغ ذلك وزاد عليه.

ثم كان من خبر يوسف الصديق عليه السلام وبيعه بمصر وخبره مع امرأة العزيز وسجنه وقصته مع صاحبى الملك ورؤيا الملك وتعبيرها وتولية الريان بن الوليد يوسف عليه السلام رتبة العزيز وخبر القحط،.

حوار سيدنا يعقوب عليه السلام مع الريان والكاهن
وهو ما حكاه مؤلف هذا الكتاب الذى نقلنا منه إبراهيم بن القاسم الكاتب عن إبراهيم بن وصيف شاه.

قال : إن يعقوب عليه السلام لما قدم مصر بأهله وولده، خرج يوسف عليه السلام فى وجوه أهل مصر فتلقاه وأدخله على الملك؛.

وكان يعقوب عليه السلام مهيبا جميلا فقرّبه الملك وعظّمه
وقال له : يا شيخ، كم سنك وما صناعتك وما تعبد؟.

فقال : أما سنّى فعشرون ومائة سنة، وأما صناعتى فلنا غنم نرعاها وننتفع بها، وأما الذى أعبد فربّ العالمين، وهو الذى خلقنى وخلقك، وهو إله آبائى وإلهك وإله كل شىء..

قال : وكان فى مجلس الملك فنيامين، وهو كاهن جليل القدر،.

فلما سمع كلام يعقوب ضاق به ذرعا
وقال للملك بلغتهم : أخاف أن يكون خراب مصر على يد ولد هذا.
فقال له الملك : فأنّى لنا خبره؟

فقال الكاهن : أرنا إلهك أيها الشيخ.
قال : إلهى أعظم من أن يرى.
قال : فإنا نحن نرى آلهتنا.

قال : لأن آلهتكم ذهب وفضة ونحاس وخشب، وما يعمله بنو آدم عبيد إلهى الذى احتجب عن خلقه بعزّ ربوبيته، لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
قال له فنيامين : إن لكل شىء دليلا، وكل شىء لا تراه العيون فليس بشىء، فغضب يعقوب.

وقال : كذبت يا عدوّ الله وطغيت فى هذه الدنيا؛ إن الله سبحانه وتعالى شىء وليس كالأشياء، وهو خالق كل شىء لا إله إلا هو.
قال : فصفه لنا.
قال : إنما يوصف المخلوقون ولا يوصف الخالق عزوجل؛
لأنه يرتفع عن الصفات ؛ لأنه واحد قديم مدبّر للأشياء فى كل مكان يرى ولا يرى.

ثم قام يعقوب مغضبا، فأجلسه الملك وأمر فنيامين أن يكفّ عنه ويكون بين يديه ويأخذ فى غير هذا.
ثم قال الملك : كم عدّة من دخل معك إلى مصر؟
قال ستّون رجلا.

قال الكاهن: كذلك نجده فى كتبنا؛ إن خراب مصر يجرى على أيديهم.
قال الملك : فهل يكون فى أيامنا؟
قال : لا، ولا إلى مدّة كبيرة. والصواب أن يقتله الملك ولا يستبقى من ذرّيته أحدا.

قال الملك : إن كان الأمر كما تقول فما يمكننا أن ندفعه ولا نقتل هؤلاء،.

وإن لهم إلها عظيما، وقد قبل قلبى هذا الشيخ، ومالى إلى قتله من سبيل، فخاطبه بألين الكلام؛ فجرت بينهما بعد ذلك مخاطبات ألان له فيها القول.

قال : ثم إن يعقوب عليه السلام أحبّ أن يعرف خبر مصر ومدائنها وكيف بنيت وخبر طلّسماتها وعجائبها.

فسأله عن ذلك وسأله بحقّ الملك ألا يكتمه شيئا من أمرها فأخبره.
قال : وأقام يعقوب عليه السلام مع الريان بن الوليد الملك يعظّمه ويبجّله إلى أن حضرته الوفاة،.
فأوصى أن يحمل إلى مكانه من الشأم، فحمل فى تابوت
وخرج معه يوسف عليه السلام ووجوه مصر حتى بلغ الى موضعه ورجعوا.

وقيل : إن عيصو منعهم من دفنه هناك لأن إسحاق عليه السلام كان قد وهبه الموضع فاشتراه يوسف عليه السلام منه.

يقال : إن الريان آمن بيوسف وكتم إيمانه خوفا من فساد ملكه.
وملك الريان مائة وعشرين سنة.
وفى وقته عمل يوسف عليه السلام الفيوم لابنة الملك، وكان أهل مصر قد وشوا به.

قالوا: قد كبر ونقص نفعه فاختبره.
فقال له الملك: قد وهبت هذه الناحية لابنتى، وكانت مغايض للماء فدبّرها.

قال: فقلع أدغالها، وساق المنهى ، وبنى اللّاهون ، وجعل الماء فيه مقسوما موزونا، وفرغ من ذلك كله فى أربعة أشهر، فعجبوا من حكمة يوسف عليه السلام..

إجتهدت ونقلت وحللت فإن كان بما ذكرت خطأ فمن نفسي و إن كان على صواب فهو من عند الله ، وما يخالف كلام الله ورسوله صلى اللّٰه عليه وسلم اضربوا به عرض الحائط ، ويبقى العلم عند ربي علام الغيوب..

فحاربوه فقتل خلقا كثيرا، وبعث قائدا إلى مدينة على عبر البحر الأخضر فخرج إليه ملك المدينة وأهلها.

فعرّفهم حال الريان ومصالحة الملوك له فقالوا : ما بلغنا أحد قط، وسألهم هل ركب هذا البحر أحد؟ فقالوا: ما يستطيع أحد أن يركبه،

وأخبروه أنه ربما أظله الغمام فلا يرونه أياما، وأتى الريان فتلقّوه بهدايا وفاكهة أكثرها الموز؛ وحجارة سود فإذا جعلت فى الماء صارت بيضاء،.

ثم تركهم وسار إلى أمم السودان حتى بلغ ملك الدمدم الذين يأكلون الناس.

، فخرجوا إليه عراة بأيديهم العمد الحديد،
وخرج ملكهم على دابة وهو عظيم الخلق له قرون،

فكان جسيما أحمر العينين، فظفر بهم فانهزموا إلى أوحال وأدغال فلم يتهيأ له اتباعهم فيها، وجازهم إلى قوم على خلق القرود لهم أجنحة صغار يثبون بها من غير ريش.

ومرّ على عبر البحر المظلم فغشيهم منه غمام فرجع شمالا حتى انتهى إلى جبل يقال له وسن، فرأى فوقه تمثالا من حجر أحمر يومئ بيده : إرجعوا، وعلى صدره مزبور: ما ورائى أحد.

فتركه وسار راجعا فانتهى إلى مدينة النحاس فلم يصل إليها.
ومضى حتى بلغ الوادى المظلم فكانوا يسمعون منه جلبة عظيمة ولا يرون أحدا لشدّة ظلمته.

وسار حتى انتهى إلى وادى الرمل ورأى على عبره أصناما عليها أسماء الملوك قبله فأقام معها صنما وزبر عليها اسمه.

فلما أسبت الرمل جاز عليه إلى الخراب المتصل بالبحر الأسود، وسمع جلبة وصياحا هائلا فخرج فى شجعان أصحابه حتى أشرف على السباع المقرنة الأنوف،.

فإذا بعضها تهرّ وتأكل بعضها بعضا، فعلم أنه لا مذهب له من ورائها فرجع،

وعدّى وادى الرمل ومرّ بأرض العقارب.

فهلك بعض أصحابه ورفعوها عنهم بالرّقى التى يعرفونها،
ثم جاوزهم حتى انتهى إلى مكان صلوفة وهى حية عظيمة، فهجموا عليها ولم يعرفوها وظنوا أنها جبل، ثم عرجوا عنها وتعوّذوا منها بالرّقى.

قال : ويزعم القبط أنه منعها من الحركة بسحره وتركها فهلكت. وقيل : إن تعريج هذه الحية ميل وأنها كانت تبتلع السباع هناك.
مدينة الكند : مدينة الحكماء.

وسار حتى بلغ مدينة الكند ، وهى مدينة الحكماء، فتهاربوا منه إلى جبل صعدوه من مواضع يعرفونها من داخل مدينتهم لم يعرفها غيرهم،.

ولم يجد الريان ومن معه إلى الصعود إليها سبيلا، فأقاموا عليها أياما وكادوا يهلكون من العطش.

، فنزل إليهم من الجبل رجل يقال له مندوس، كان من أفاضل الحكماء وقد لبس شعره جسده،

فقال: أين تريد أيها المغرور الممدود له فى الأجل!.

المرزوق الكفاية! أتعبت نفسك وجيشك!.
ألا اقتنعت بما تملكه واتكلت على خالقك وربحت الراحة وتركت العناء والغرور بهذا الخلق. فعجب الملك من قوله وسأله عن الماء فدلّه عليه،

وسأله عن موضعهم
فقال : موضع لا يصل إليه احد ولا بلغه قبلك أحد.
قال : فما عيشكم؟
قال : من أصول نبات لنا نعتصم به ونقنع بأكله ويكفينا اليسير. قال : فمن أين تشربون؟
،، قال : من نقار الماء من الأمطار.
قال : فلم هربتم منا؟
،، قال : رغبة عن خلطتكم وإلا فليس لنا ما نخاف عليه.
قال : فكيف تكونون إذا حميت عليكم الشمس؟
قال: فى غيران تحت هذه الجبال.
قال : فهل تحتاجون إلى مال أخلفه لكم؟
فقال : إنما يريد المال أهل البذخ ونحن لا نستعمل منه شيئا ، استغنينا عنه بما قد اكتفينا به، وعندنا منه ما لو رأيته لحقّرت ما عندك.

قال : فأرنيه ، فانطلق به مع نفر من أصحابه إلى أرض فى سفح جبلهم فيها قضبان الذهب نابتة ، وأراهم واديا حافتاه حجارة الزبرجد والفيروذج ،

فأمر الرّيان أصحابه أن يأخذوا من كبار تلك الحجارة.

ففعلوا؛ ورآهم الحكيم يصلّون إلى صنم يحملونه معهم، فسألهم ألا يقيموا بأرضهم خوفا من عبادة الأصنام.

و سأله الملك أن يدله على الطريق ففعل، وودّع الحكيم وسار على السمت الذى وصفه له. فلم يمر بأمة إلا أبادها وأثر فيها إلى أن بلغ بلد النوبة، فصالح أهلها على مال يحملونه إليه، ثم أتى دنقلة فأقام بها علما وزبر عليه اسمه ومسيره.

عودته إلى مصر..

ومرّ يريد منف ؛ فكان أهل كل مدينة من مدائن مصر يتلقّونه بالفرح والسرور والطيب والرياحين والملاهى إلى أن بلغ منف، فلم يبق أحد من أهلها إلا خرج إليه مع العزيز وتلقّوه بأصناف الطيب والبخورات والرياحين..

وكان العزيز قد بنى له مجلسا من الزجاج الملوّن وفرشه بأحسن الفرش المذهبة، وغرس حوله جميع الأشجار والرياحين ،

فجعل فيه صهريجا من زجاج سمائى ، وجعل فى أرضه شبه السمك من زجاج أبيض وأنزله فيه ، وأقام الناس يأكلون ويشربون أياما كثيرة.

حيث أمر بعرض جيشه فوجد أنه قد فقد منهم سبعون ألفا، وكان قد خرج فى ألف ألف، ووجد من انضاف إليه من الغرباء،، والمأسورين نيّفا وخمسين ألفا،.

وكان مسيره وغيبته إحدى وعشرين سنة.

فلما سمع الملوك بذكره وما فتح من البلاد وما أسرها بوه ، وخافوا شدّة بأسه وعظم سلطانه.

وتجبّر وبنى بالجانب الشرقى قصورا من الرخام ونصب عليها أعلاما، فكان يقيم بها الأيام الكثيرة.

فكان الخراج قد بلغ فى وقته سبعة وتسعين ألف ألف فأحبّ أن يتمه مائة ألف ألف دينار ، فأمر بوجوه العمارات وإصلاح الجسور والزيادة فى استنباط الأراضى حتى بلغ ذلك وزاد عليه.

ثم كان من خبر يوسف الصديق عليه السلام وبيعه بمصر وخبره مع امرأة العزيز وسجنه وقصته مع صاحبى الملك ورؤيا الملك وتعبيرها وتولية الريان بن الوليد يوسف عليه السلام رتبة العزيز وخبر القحط،.

حوار سيدنا يعقوب عليه السلام مع الريان والكاهن
وهو ما حكاه مؤلف هذا الكتاب الذى نقلنا منه إبراهيم بن القاسم الكاتب عن إبراهيم بن وصيف شاه.

قال : إن يعقوب عليه السلام لما قدم مصر بأهله وولده، خرج يوسف عليه السلام فى وجوه أهل مصر فتلقاه وأدخله على الملك؛.

وكان يعقوب عليه السلام مهيبا جميلا.

فقرّبه الملك وعظّمه
وقال له : يا شيخ، كم سنك وما صناعتك وما تعبد؟.

فقال : أما سنّى فعشرون ومائة سنة، وأما صناعتى فلنا غنم نرعاها وننتفع بها، وأما الذى أعبد فربّ العالمين، وهو الذى خلقنى وخلقك، وهو إله آبائى وإلهك وإله كل شىء..

قال : وكان فى مجلس الملك فنيامين، وهو كاهن جليل القدر، فلما سمع كلام يعقوب ضاق به ذرعا
وقال للملك بلغتهم : أخاف أن يكون خراب مصر على يد ولد هذا.
فقال له الملك : فأنّى لنا خبره؟

فقال الكاهن : أرنا إلهك أيها الشيخ.
قال : إلهى أعظم من أن يرى.
فقال : فإنا نحن نرى آلهتنا.

قال : لأن آلهتكم ذهب وفضة ونحاس وخشب، وما يعمله بنو آدم عبيد إلهى الذى احتجب عن خلقه بعزّ ربوبيته، لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
قال له فنيامين : إن لكل شىء دليلا، وكل شىء لا تراه العيون فليس بشىء، فغضب يعقوب.

وقال : كذبت يا عدوّ الله وطغيت فى هذه الدنيا؛ إن الله سبحانه وتعالى شىء وليس كالأشياء، وهو خالق كل شىء لا إله إلا هو.
قال : فصفه لنا.
قال : إنما يوصف المخلوقون ولا يوصف الخالق عزوجل؛
لأنه يرتفع عن الصفات ؛ لأنه واحد قديم مدبّر للأشياء فى كل مكان يرى ولا يرى.

ثم قام يعقوب مغضبا.

، فأجلسه الملك وأمر فنيامين أن يكفّ عنه ويكون بين يديه ويأخذ فى غير هذا.
ثم قال الملك : كم عدّة من دخل معك إلى مصر؟
قال ستّون رجلا.

قال الكاهن: كذلك نجده فى كتبنا؛ إن خراب مصر يجرى على أيديهم.
قال الملك : فهل يكون فى أيامنا؟
قال : لا، ولا إلى مدّة كبيرة. والصواب أن يقتله الملك ولا يستبقى من ذرّيته أحدا.

قال الملك : إن كان الأمر كما تقول فما يمكننا أن ندفعه ولا نقتل هؤلاء، وإن لهم إلها عظيما، وقد قبل قلبى هذا الشيخ، ومالى إلى قتله من سبيل، فخاطبه بألين الكلام؛ فجرت بينهما بعد ذلك مخاطبات ألان له فيها القول.

قال : ثم إن يعقوب عليه السلام أحبّ أن يعرف خبر مصر ومدائنها وكيف بنيت وخبر طلّسماتها وعجائبها.

فسأله عن ذلك وسأله بحقّ الملك ألا يكتمه شيئا من أمرها فأخبره.
قال : وأقام يعقوب عليه السلام مع الريان بن الوليد الملك يعظّمه ويبجّله إلى أن حضرته الوفاة،.
فأوصى أن يحمل إلى مكانه من الشأم، فحمل فى تابوت
وخرج معه يوسف عليه السلام ووجوه مصر حتى بلغ الى موضعه ورجعوا.

وقيل : إن عيصو منعهم من دفنه هناك لأن إسحاق عليه السلام كان قد وهبه الموضع فاشتراه يوسف عليه السلام منه.

يقال : إن الريان آمن بيوسف وكتم إيمانه خوفا من فساد ملكه.
وملك الريان مائة وعشرين سنة.
وفى وقته عمل يوسف عليه السلام الفيوم لابنة الملك، وكان أهل مصر قد وشوا به.

قالوا: قد كبر ونقص نفعه فاختبره.
فقال له الملك: قد وهبت هذه الناحية لابنتى، وكانت مغايض للماء فدبّرها.

قال: فقلع أدغالها، وساق المنهى ، وبنى اللّاهون ، وجعل الماء فيه مقسوما موزونا، وفرغ من ذلك كله فى أربعة أشهر، فعجبوا من حكمة يوسف عليه السلام..

إجتهدت ونقلت وحللت فإن كان بما ذكرت خطأ فمن نفسي و إن كان على صواب فهو من عند الله ، وما يخالف كلام الله ورسوله صلى اللّٰه عليه وسلم اضربوا به عرض الحائط ، ويبقى العلم عند ربي علام الغيوب..

ترك الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *