الأخوان بربروسا.
السلطان العثماني والقائد عروج..
كانت البداية أن السلطان العثماني سليم الاول يلتقي بقائد بحري عبقري يسمي عروج.
القائد عروج كان قائدا عثمانيا فذا،ولد لأب ألباني وأم أوروبية أندلسية.
الأم كانت هربت وفرت بدينها خوفا من محاكم التفتيش الصليبيةالتي كانت تفتش دائما في أقبية كنائس إسبانيا.
ارادة الله كانت فوق كل شيئ ونجت هذه الأم من معسكرات التعذيب الصليبية في الاندلس.
وبعد ذلك حكت و قصت علي ابنها القائد عروج وعلي إخوته ما عاشته من قصص ااتعذيب الشنيعة التي تعرض لها اخوتها في الأندلس..
كما روت لهم عن حكايات المقاومة الإسلامية الشعبية الشجاعة لمسلمي الأندلس. الذين رفضوا ان يعبدوا الصليب علي عبادة الله سبحانه.
فغرزت هذه الأم البطلة المجاهدة روح الجهاد في سبيل الله داخل نفوس أولادها منذ ولادتهم.
نأتي الي الخليفة العثماني الشجاع سليم الأول..
فقد استدعى سليم الأول القائـد عـروج وأطلعه على رسائل الاستغاثة التـي أرسلها المسلمين في الأندلس. من أقبية الكنائس المظلمة،..
ثم أوكل إليه مهمة في غاية الصعوبة و الخطورة.
هي بمثابة مهمة مستحيلة فعلا، وقام بتوجيهه استراتيجيا..
الأخوان بربروسا…
كانت هذه المهمة هي :..
أولا : الإبحار من أقصى شرق البحر المتوسط في تركيا إلى أقصى غرب المتوسط في الأندلس.
والدخول مع حرب ومواجهة أساطيل الجيوش الصليبية و التي كانت تشمل ( أساطيل إسبانية وبرتغالية وإيطالية وسفن القديس يوحنا).
ثانيا : النجاج في اختراق كل تلك الحصون البحرية والتي كانت قد بنت جـدارا بحريا حـول الأندلس.
و النجاح والتمكـن مـن الرسـو الأمـن في إحـدى الـمـدن الأندلسية المحتلـة مـن قبـل القشتاليين الصليبيين.
ثالثا : تدمير الحاميـة البحرية الإسبانية لتلك المدينـة وشـل قـوة الـعـدو الدفاعيـة والتحول إلى اليابسة.
و الدخول في حرب شوارع ضـد القـوات البرية الإسبانية في أزقة تلك المدينة وشوارعها.
رابعا : التمكن من تحرير المدينة الأندلسية مجددا ورفع راية الإسلام العثمانية على قلاعها.
ومفاجئة الكنائس بـصورة مباغتة للحيلولة دون هـروب القساوسة الكاثوليـك و الذين كانوا يعرفون الأماكن التي كانت تستخدم لتعذيب وارهاب المسلمين..
خامسا : البحث داخل قباب الكنائس المظلمـة بـشـكـل عاجل و ذلك قبـل أن يتم تهريـب المعذبين المسلمين والتمكن من العثور على الغرف السرية التي يعذب فيها المسلمون.
الأخوان بربروسا وتحرير المسلمين..
سادسا : ان يتم تحرير كافة المسلمين بعد العثور عليهم داخل الغرف السرية.. أيضا مع مراعاة عدم نقلهم من الأقبية حتى غياب الشمس . و ذلك لتجنب إصابة الأسرى بالعمى نتيجة عدم رؤيتهم للشمس منذ سنين.
سابعا : نقل الأسرى محمولين إلى السفن الإسلامية العثمانية، مع الاخذ في الاعتبار الحالة البدنية المذرية التي وصلوا إليها، مع تجنب تعرض جلودهم الهزيلة للتمزق أثناء حملهم..
ثامنا : من المهمة ايضا كان ضرورة إخلاء المدينة على وجه السرعة، مع الأخذ في الاعتبار أن لا تستمر العملية من وقت رسوهم في الميناء وحتى الإقلاع أكثر من 6 ساعات.
و ذلك لتجنب الاشتباك مع قوات المدد للعدو التي تأتي من المدن المجاورة.
تاسعا : الإبحار في الظلام والتمكن من شل حركة العدو البحرية أثناء رحلة الرجوع،.
مع مراعاة أن العودة هذه المرة لن تكون نحو تركيا، وإنما ستكون نحو الجزائر من طريق آخر .
لإسعاف الأسرى بأسرع وقت مـن جهـة، ولخداع بحريـة العدو من جهة أخرى.
هذه كانت المهمة… فهل قرأت قبل ذلك عن مهمة اصعب من هذه؟؟.
الأخوان بربروسا...
والمثير للدهشة والانبهار أن القائد عروج قام بتنفيذ هذه المهمة بنجاح ساحق.
بل والأعجب مـن ذلك هو أنه قام وإخوته بتكرار تلك المهمة مرات ومرات، فقاموا الألبان جزاهم الله كـل خيـر عشرات الآلاف من أرواح المسلمين الأندلسيين..
فذاع صيت القائد الإسلامي العظيم عروج في بحار الدنيا كلها،.
وامتلئت شوارع اوروبا الكاثوليكية بالقصص عـن بطولة بحـار عثمـاني يبحـر كالشبح المرعـب .
الذي لا يستطيع أحـد صـده أبـدا، و قام الأندلسيون المسلمون بتسميته (بابا أروج) أو (بابا أروتس).
أي (الأب عروج) في لغة الأندلسيين الأوروبيين، وكان ذلك من فرط احترامهم وتقديرهم لهذا البطل الذي قام بتخليـصـهـم مـن ويـلات محاكم التفتيش،.
فقام بعد ذلك الإيطاليون بتحريف (بابـا أروتس) إلى (بربروس) وتعنى بالإيطاليةالرجـل صـاحب اللحية الحمراء،.
وكان هذا السبب و السر لإمتلاك القرصان الـذي يظهـر في أفلامهم الغربية للحية حمراء.
كيف كانت نهاية اخوة عروج..
أما القائد عروش فقد اصطحب معه في جهاده إخوته اسحق وإلياس وخسرف (خير الدين).
فاستشهد إلياس رحمه الله في اثناء جهاده اما خـيـر الـدين فقد قام بمحاربة الحكام العملاء مع الصليبيين الإسبان في بلاد الجزائر،.
بينما سقط عروج في أسر فرسان القديس يوحنا في جزيرة «رودس»،.
ولكن البطل عروج استطاع الهرب في عملية خيالية، ثـم قـام بالتسلل بحرا إلى إيطاليا،.
و في إيطاليا قام بالإستيلاء على سفينة من سفن الجيش الصليبي بعد أن قتل كل من فيهـا مـن الجنـود الـصليبيين،.
ثـم قام بالإبحار بها وحده مـن إيطاليا إلى مصر،. و في مصر قابـل السلطان المملوكي (الغوري) رحمه الله، فقام الغوري بإهداءه سفينة بعتادهـا ومجاهديها،. حتي ينطلق بها المجاهـد الفـذ عروش إلى الجزائر ليلقى أخاه خيـر الـدين،.
بعد ذلك واصل الأخـوان مسيرة الجهاد في سبيل الله بسفنهم القليلة المتواضعة،
و بعد أشهر قليلة أصبح اسم «الأخوان بربروسا» اسما يرعب سفن الصليبيين الغزاة في كل بحار الأرض.
ثم قام أحـد الخونـة مـن الـحـكـام الموالين لإسبانيا بفتح أبواب مدينة «تلمسان» للصليبيين،.
شجاعة مجاهد ومقاتل..
و طلب الإسبان من القائـد عـروج ومن معه من المجاهدين الاستسلام أو الهرب،.
فرفض عروج القائد البطـل وجنوده الأتراك الهروب أو الاستسلام، وفضلوا أن يلقوا الله شهداء في سبيله.
فقاتـل عـروج بكـل شجاعة بيد واحدة بعد أن كان قد فقد يده الأولى مـن قبـل وهـو يجاهد في سبيل الله لإنقاذ نساء المسلمين وأطفالهم،.
ولما علم الإسبان أن القائد عـروج هـو الـذي يقـاتـل بنفسه ، ارسلوا الإمدادات العسكرية مـن مـدريـد لتحاصـر هـذا البطـل مـن كـل اتجاه. وهـو يـقـاتـل بيـد واحدة و ينظر إليهم وقلبه معلق إلي الجنة حيث ينتظره الشهداء الذين سبقوه،.
فأحاط به الصليبيون بسيوفهم في كـل موضع قبـل أن ينهالوا على جسمه بسيوفهم الغادرة تقطيعا وتمزيقا،.
ليرفع القائد عروج نظره إلى السماء و هو يتذكر ابتسامات الأطفال الأندلسيين الذين كانوا يبادلونـه إياهـا عنـدمـا كـان ينقذهم ويعيـدهـم إلى أحضان أمهاتهم.
استشهاد البطل عروش..
وبينما الصليبيون يغرسون سيوفهم في قلبه رفع القائد عروج إصبعه عاليا وحرك شفتيه وهو يقول:
أشهد أن لا إله إلا الله…. وأشهد أن محمدا رسول الله. وسقط شهيدا رحمة الله عليه.
و الشيءالمثير للإشمئزاز ان قام أولئك القراصنة بقطع رأسه ليأخذوها معهم .
ليطوفوا بها في مدن أوروبا التي دقت بها أجراس الكنائس احتفالا كلما مر رأس القائد الكابوس الذي كان يذيقهم ألوان الذل والهوان (بربروسا)..
و بعد إستشهاد القائد عروج برزت على السطح بطولات قائد عظيم في أمة الإسلام،.
إنه القائد البطل (خير الدين بربروسا) شقيق القائد عروج والذي كان عنده إصرار على الثأر لدم أخيـه المجاهد رحمه الله،.
فقام بتجهيز سفنه واتجه بها مباشرة إلى تونس و ذلك حتي يقوم بتدمير السفن الإسبانية هناك،.
فقام بتحرير تونس من الصليبيين وأذنابهم، ثم توجه بجنوده العثمانيين الأتراك فحرر الجزائر كذلك.
ولم يكتف بذلك بل قام باحتلال جزر البليار الإسبانية بعد أن دمر الأسطول الإسباني هناك.
ولما سمع البابا (بولس الثالث) في روما بانتصارات هذا القائد المسلم قام بالإعلان مـن الفاتيكان حالة النفير العام في جميع أرجاء أوروبا .
الأخوان بربروسا..
و قاموا بتكوين اسطول ضخم يتكون من ستمائة سفينة علي متنها نحو ستين ألف جندي، تحت قيادة قائد بحري أسطوري و هـو أعظـم قـائـد بـحـري عرفته أوروبا في القرون الوسطى.
و كان هو أندريا دوريا و كان الهدف هو إنهاء الإسلام كلية في البحر المتوسط،.
بينما كانت القوات العثمانية الإسلامية تتكون من مائة واثنان وعشرون سفينة فقط. تحمل اثنين وعشرين ألف جندي
كان ذلك في الرابع من جمادى الأولى 945 هـ، الموافق الثامن من سبتمبر 1538م.
معركة بروزة..
حيث التقى الأسطولان في معركة بروزة، وبالرغم من تفوق الاوربيين بالعدة والعتاد، إلا أن القائد خير الدين بربروسا قائد بحرية المسلمين انتصر انتصارا كبيرا،.
وقام بتدمير الأسطول الأوروبي المتحالف تدميرا كليا، . فهرب أسطورتهم المزيفة القائد أندريا دوريا من ميدان المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات،.
بعد انتصار المسلمين عمت حالة من الفزع والهلع أرجاء اوروبا.. وأصبحت البحرية الإسلامية العثمانية سيدة البحر المتوسط بلا منازع لثلاثة قرون متصلة.
ووصل خبر انتصار القائد المجاهد خير الدين بربروسا إلى بلاد المسلمين في كل مكان.
فعلت صيحات التكبير في مآذن مكة والمدينة والقدس وبومباي ودمشق والقاهرة وسمرقند وجميع ديار المسلمين.
وصلى المسلمون هناك صلاة الشكر احتفالا بنصر الله المؤزر على يد القائد المجاهد خير الدين بربروسا.
واستقبل الخليفة العثماني الشجاع سليمان القانوني بن السلطان سليم الأول خبر هذا النصر بالسجود شكرا لله. بعد أن أتم ما بدأه والده المجاهد سليم الأول رحمه الله من إنقاذ المسلمين في الأندلس.
فقام بعدها بتعيين خير الدين بربروسا أميرا عاما للأساطيل الإسلامية العثمانية المجاهدة في كل بحار الدنيا.
و قام بربروسا بحملات مكثفة لإنقاذ المسلمين في الأندلس من تعذيب محاكم التفتيش. فأبحر في البحر الأبيض المتوسط جيئة وذهابا لنقل اللاجئين المسلمين الأندلسيين.
فأنقذ وحده ما يزيد عن سبعين ألف مسلم ومسلمة بمن فيهم من أطفال ونساء وشيوخ.
حتى كان أهل الأندلس هم من أطلق عليه اسم (خير الدين) بدلا من اسمه الحقيقي (خسرف) تقديرا و عرفانا له .
.فوالله إن الإخوة بربروسا كانوا نعم الإخوة, لم يتنافسوا على تركة أو إرث أو لغاية من الدنيا..
بل تنافسوا علي نصرة الإسلام وإنقاذ المسلمين الأبرياء. وإن كان هؤلاء الأبطال قراصنة فأكرم بهم قراصنة.
ولكنهم والله ما قصدوا البحر طمعا في كنز مدفون في قاع المحيطات. أو سفينة غارقة في غياهب البحار» بل قصدوا البحر طمعا في ما هو أثمن من كل كنوز الدنيا….الجنة!.
مائة من عظماء أمة الاسلام غيروا مجرى التاريخ.