ماهي أقدم حضارة في تاريخ البشرية…
عندما تذكر الحضارات القديمة، فأول ما نفكر به هي الحضارة المصرية القديمة، او حتي الحضارة السومارية، وذلك لأنهم اقدم الحضارات علي الأرض..
او هكذا كنا نعتقد، الي ان تم الكشف عن اثار لحضارة اخري كانت تسبق هاتين الحضارتين..
وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال بالتفصيل..
موضوع مقالتنا يدور عن المنطقة الواقعة بين الهند و باكستان، أو كما يطلق عليها قديما منطقة أو بلاد السند.
أقدم حضارة في تاريخ البشرية.. حضارة هارابان.
منذ حوالي ثمانية ألاف عام كانت السند موطنا لحضارة اكثر غموضا وتطورا،.
أطلق الباحثون اسم هارابان علي هذه الحضارة الغامضة، و ذلك نسبة إلي منطقة هارابان التي تم للمرة الأولي اكتشاف اثار وبقايا تلك الحضارة القديمة.
حضارة ترجع إلي ثمانية الاف عام هي بالطبع أقدم من الحضارتين المصرية والسومرية.
و كان من اغرب ما اكتشفه العلماء اثناء التنقيب والبحث، عن بقايا الهارابان هو الكشف عن أنظمة صرف صحي متطور،.
بالإضافة إلي الطرق و المنازل التي تم تنظيمها بشكل رائع. كانت ذات تخطيط حضري و أنظمة ري أكثر تطورا مما هو موجود هناك في وقتنا الحالي..
وبرغم من الاكتشافات المتتالية لمنطقة هارابان، إلي أنها حتي الأن تظل حضارة من أكثر الحضارات غموضا في التاريخ.
إلي الأن لم يتم الكشف عن رموزها ونصوصها المتبقية، لم يستطع أحد أن يقوم بترجمة كتاباتهم القديمة..
حضارة كانت علي الأرض وأختفت واندثرت بشكل مفاجئ لأسباب لا نعلمها حتي الأن.
فما سبب التقدم التكنولوجي الغير مسبوق لهارابان؟
ماهو سرهم ياتري؟.
و الأهم أين ذهب سكان تلك المناطق؟.
هل هم من نسل حضارة اخري كانت تسبقهم؟ أم أن هناك من ساعدهم في بناء حضارتهم..؟.
وكيف كانت نهايتهم المفاجئة!.
كيف تم الكشف عن أقدم حضارة في تاريخ البشرية.
كانت المرة الأولى التي تم فيها العثور على أثر لهذه الحضارة المفقودة مع اكتشاف مدينة هارابان المفقودة في عام 1921.
ومنذ ذلك الوقت وإلي الأن تم العثور على أكثر من 1052 مدينة ومستوطنة..
إحدي أكبر وأهم تلك المدن هي مدينة موهينجو دارو. و التي تقع بالقرب من نهر السند في منطقة لاركانا بمقاطعة السند في باكستان الحالية.
وهي أسطورة حقيقية للتخطيط الحضري من العصر القديم وسرعان ما أصبحت أشهر مدن هارابان القديمة.
و بالرغم من اكتشاف اثار مدينة موهينجو دارو لأول مرة في عام 1911 ،.
إلا أن بداية التنقيبات الجدية بدأت في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.
هارابان أقدم حضارة في تاريخ البشرية..
في البداية لم يكونوا علماء الأثار يعرفون اسم المدينة، ولكن اثناء التنقيب،اكتشفوا مجموعة من الهياكل العظمية المنتشرة في كل أنحاء المدينة القديمة..
ولذلك اطلقوا عليها اسم موهينجو دارو، والتي تعني مدينة الموتي. او تل الموتي..
يعتقد أن هذه المدينة كانت أول مركز حضاري في شبه القارة الهندية،.
أهل هذه المدينة إلي جانب معرفتهم وبراعتهم في التخطيط الحضري، فقد كانوا باهرين أيضا في استخدام المعادن، وطرق الزراعه، وتشييد الأسواق و المستودعات التي كانت تستخدم لتخزين الغلال كذلك استطاعوا التعبير بلغة مكتوبة..
المدينة كانت عبارة عن عدة مناطق وشبكات.، و كانت المنازل تحوي عدة غرف منفصلة، كما هو اليوم في منازلنا.
بما في ذلك غرف النوم و غرف المعيشة، الي جانب دورات المياة والمطابخ.
كانت دورات المياة تمتلك صرفا صحيا تماما كما هو اليوم.. و كان هذا بالتحديد اكثر ما أثار إعجاب ودهشة العلماء و الباحثين..
فالاعتقاد السائد دائما أن الناس الذين عاشوا من مايقرب من اربعة ألاف عام، كانوا يستخدمون الأنظمة البدائية للحصول علي المياة وتلبية إحتياجاتهم.. مثل نقل المياه بواسطة الدلو من الانهار إلي المنازل، أو ان يقوموا بحفر منطقة في الأرض لإستخدامها كمرحاض..
و لكن هذا لم يحدث في حضارة هارابان.
حيث كانت المنازل مزودة بإمدادات المياه ونظام السباكة. مع الأخذ في الإعتبار فصل دورات المياة والمراحيض جيدا عن باقي الغرف.
كما تم الكشف بالمدينة عن أكثر من 700 بئر مياه ونظام صرف صحي متطور يسمح للمياه أن تتوزع بشكل متناغم في جميع أنحاء المدينة..
كما تم الكشف عن وجود بناء أو هيكل تبلغ مساحته 900 قدم مربع كان يطلق عليه الحمام الكبير.
كانوا يقومون بملئ هذا الحمام الكبير عن طريق ضخ المياه من نهر السند.
مع العلم أن الرومان لم يستطيعوا من بناء حماماتهم الخاصة بهم إلا تقريبا في عام 70 قبل الميلاد. مما يدل علي أن أهل هارابان أو وادي السند كانوا يسبقون الرومان حضاريا ب2500 عام.
كما اتضح ، كان لهذه الحضارة المفقودة أحد أنظمة الصرف الصحي الأولى في العالم.
هناك اعتقاد بأن عدد سكان هذه المدينة كان يقدر بين عشرين إلي أربعين ألف نسمة، كانوا يعيشون في موهينجو دارو.
ولم تكن هذه المدينة هي فقط ما تم الكشف عنه، و لكن في ستينيات القرن الماضي تم الكشف عن مدينة اخري لا تقل أهمية عن موهينجو دارو.
أقدم حضارة في التاريخ..
ومنذ تلك الإكتشافات لم يتم سوي الكشف عن ما يقرب من 5 بالمائة فقط من الموقع.
فلا نعلم أي من الإكتشافات و الأسرار الأخري التي قد نكتشفها عن هذه الحضارة الغامضة و المفقودة.
على الرغم من كل هذا التقدم الكبير في مجال التخطيط والبناء والتطوير، إلا ان شيئا جذب انتباه الباحثين. و هو أن المدن كانت خالية من القصور العالية أو المعابد، أو أي أثار قد تشير إلي طبيعة الحكم والمعتقدات الدينية في هارابان.
كما أنه ليس هناك أثار لوجود السلطة المركزية مثل الملك او الحاكم..
يعتقد المؤرخون أن هارابان كانت مدينة يسودها نظام مجتمعي، بمعني أن كل منطقه كان يتم إختيار مجموعة من الأشخاص لإدارتها.
نصوص و رموز حضارة هارابان..
الغريب ايضا في حضارة هارابان، هو النصوص والرموز المكتشفه والتي لم يستطيع أحد أن يفهمها أو يقوم بفك شفرتها. فالغموض الذي يحيط بهاربان لا يمكن كشفه أبدا.
النصوص والرموز المكتشفه حيرت العلماء والباحثين، لدرجة انه في عام 2004 كانت هناك جائزة تقدر بنحو عشرة ألاف دولار لمن يتمكن من الكشف وحل رموز هارابان. ومع ذلك لم ينجح أي احد في فك شفرة تلك الرموز.
غالبية هذه الرموز تصور شخصيات حيوانية وبشرية. ويعتقد العلماءأن هذه الرموز لاتمثل الكتابة الحقيقية لشعب هارابان، بل تمثل الطوائف و الطقوس شعائرية وألقاب العائلات.
نهاية حضارة هارابان.
في الحقيقة كل ما نعلمه هو أن حضارة وادي السند قد إنتهت تقريبا عام 1700 قبل الميلاد..
و لكن ما سبب إنتهاء تلك الحضارة، وكيف كانت نهايتها، ماحدث بالضبط سيظل لغزا.
وتكثر التكهنات، هل سكان تلك المناطق قد ياموا بالهجرة وترك مدنهم؟ هل تم مهاجمتهم من قبل غزاة؟ أم أن شيئا لا نستطيع فهمه قد حدث لهم؟.
هذه تساؤلات لا يوجد إجابة عليها إلي الأن.
ولكن العلماء انقسموا إلي قسمين في محاولة منهم لتفسير كيف انتهت تلك الحضارة.
ذهب البعض منهم ان سكان تلك المناطق قد هاجروا منها وتركوها نتيجة حدوث فيضان مدمر، أو حتي جفاف لنهر السند..
والبعض الأخر يعتقد أن أهل هارابان قد تعرضوا للذبح و الإبادة من غزاة. ولكن هذا الطرح يشكك فيه البعض،.
وذلك في حال أن تعرضت هارابان لغزو من عدو خارجي، فسيكون هناك اثار للهجوم او أثار لإحتراق حصون. او جدران مدمرة أو بقايا دروع وسلاح أو هياكل عظمية لجنود او أناس تمت مهاجمتهم. وبقايا جثث هنا وهناك..
يعتقد بعض الباحثين أن نهاية حضارة هارابان غالبا كانت عن طريق جائحة طبيعية..
كالفيضانات أو الجفاف الشديد قد يكون السبب الذي أجبر شعب السند على الهجرة إلى مناطق أخرى..
ومع ما تم ذكره من تكهنات وإفتراضات فحتي اللحظة لازالت حضارة وادي السند أو هارابان غامضة ولم يكشف عنها إلا القليل.